حسن حمورو


ركوب العدل والاحسان على الاحتجاجات الفئوية في الحقيقة وصف غير دقيق وقراءة غير صائبة لاستراتيجيتها في الصراع السياسي، وكل من يقول بهذا الأمر انما يسقط ضحية الدعاية الاعلامية التي تلجأ اليها وزارة الداخلية في كثير من المحطات والاحداث.

 
تنبغي الاشارة إلى أن منهج الجماعة قائم باستمرار على منطق التأجيج واستعمال ورقة الشارع واللعب على المعطى الحقوقي والاجتماعي، لتبرير تبنيها لمواقف حدية من نظام الحكم وابراز ما تعتبره استبدادا يحكم المجال السياسي في المغرب، وبالتالي فالجماعة تعتبر نفسها كاشف أضواء مسلطة على حركة الشارع لتنقلها عبر وسائل الدعاية الاعلامية التي تستثمر فيها بشكل كبير أموالا وموارد بشرية، الى حيث يمكن أن تتحول الى مواقف ضاغطة على النظام، ولا يهم أن تنقل ما تنقله حتى لمنظمات حقوقية ونقابية عربية واجنبية.

 
المستجد عند الجماعة خلال هذه المرحلة كان هو وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة، بما يعنيه من حدة في التمايز بين منهجين مختلفين لدرجة التناقض بين فصيلين ينطلقان من نفس المرجعية، والجماعة تفطنت الى ان لغة الشارع تأجيجا وتوظيفا واستغلالا التي تتقنها سوف تكون لصالح العدالة والتنمية في بداية تجربته الحكومية لذلك اعلنت انسحابها من حركة 20 فبراير ليهدأ الشارع وتفوت على العدالة والتنمية فرصة تقوية موقعه التفاوضي مع اطراف في الدولة خاصة ان حركة الشارع نفسه ساهمت في وصول الحزب الى رئاسة الحكومة.

 
لكن مع مرور الوقت واتضاح صوابية خيار العدالة والتنمية القائم على المشاركة السياسية التي ترفضها الجماعة وعلى الاصلاح من داخل المؤسسات التي لا تعترف بها الجماعة، كان طبيعيا ان تعود الجماعة الى منطقها لكن هذه المرة لاثبات ضعف مردودية خيار الاصلاح من داخل المؤسسات وتبخيس تجربة الاصلاح في ظل الاستقرار، فتابعنا كيف ان الجماعة تولت شن حملات غير مسبوقة على العدالة والتنمية وعلى رئيس الحكومة مستغلة اي صغيرة او كبيرة يتفاعل معها الشارع الذي يعبر عن يقظته سواء من خلال قضايا فئوية او عامة، وموقع الجماعة وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على هذا الأمر، وسأعطي مثالا فقط عن الاحتجاجات الحالية للاساتذة المتدربين، وكيف ان الجماعة خصصت جل انشطتها للموضوع لدرجة ان الصفحات التابعة لها على الفيسبوك بمسميات مختلفة ارتفع معدل النشر والتحيين فيها بشكل كبير، وكذا نشر موقع الجماعة لأزيد من 20 مادة صحافية حول حادث انزگان، الى جانب تبني الموقع لمعركة الاساتذة بتخصيص واجهته لتصميم حول الحادث، اضافة الى اصدارها لأربع بيانات في ظرف ثلاثة ايام بيان لهيأتها الحقوقية وبيان لقطاع التعليم عند الجماعة وبيان لمجلس الشورى وبيان لشبيبة الجماعة، استطاعت من خلال كل هذا توجيه الرأي العام ضد رئيس الحكومة والعدالة والتنمية بالخصوص مستغلة اسلوب الضخ الاعلامي وان بمضمون تضليلي.

 
إذن الأمر يتجاوز وصف الركوب على الاحتجاجات الفئوية، إلى كونه استراتيجية مخدومة ومحسوبة، وطبعا في تقديري هذا النوع من الاستراتيجيات عائده ضعيف على الجماعة، بل ينفر منها لتخسر مساحات اضافية كلما انقشع الغبار عن الأحداث، فتعود إلى الهامش الذي بنته بانتظاريتها، خاصة أن المغاربة يبدو أنهم حسموا في مسار تغيير أحوالهم عبر صناديق الاقتراع والانتخابات لا عبر الشارع، وهذه من خلاصات ونتائح حراك 20 فبراير الذي تستعد الجماعة لاحيائه او تخليد ذكراه بمعنى أصح.