حميد زيد – كود///
لا توجد ديمقراطية في العالم يختلف فيها الفرقاء حول الشيطان.
ويتحدث عنه وزير العدل.
و يجتمع حزب سياسي. هو العدالة والتنمية. ويصدر بلاغا حاد النبرة بخصوصه.
وتتدخل “الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب”. متضامنة مع وزير العدل عبد اللطيف وهبي. مشككة في صحة الحديث. وفي وجود الشيطان فيه.
ومهما كانت الديمقراطيات في الغرب متقدمة.
ومهما كانت الديمقراطيات كبيرة.
فهي تبقى عاجزة عن التطرق للشيطان.
ومهما تظاهرت بقبولها للآخر. ومهما ادعت الاختلاف. فهي تعمل على إقصائه. ولا تسمح بأن يكون بين الناس.
حاضرا.
ومؤثرا.
بينما الديمقراطية المغربية قادرة على استيعاب أي شخص.
وأي كائن.
ولو كان شيطانا.
لأنها مؤهلة أكثر من غيرها.
ولأن الحزب فيها مضياف. ويرشح القادم من حزب آخر. ويمنحه التزكية.
ويرشح الغريب عنه.
وخصمه.
ولأنها قطعت أشواطا كبيرة في أرض سياسية خالية من الأحزاب. ومشت طويلا في الفراغ. وفي الفيافي. وجربت القحط السياسي. وجربت شباط. وجربت كل شيء.
ولم تعد تعرف المستحيل.
ولم تعدد مترددة.
وها نحن منذ أيام نناقش الشيطان. ويقول وزير العدل إنه لا يتوفر على البطاقة الوطنية.
ولا يمكنه أن يكون شاهدا أمام القضاء.
ولا يمكن محاسبته. ولا القبض عليه. ولا استدعاؤه.
فيغضب حزب العدالة والتنمية.
و يوظف الشيطان كي يعارض به. وكي يدافع عن الدين. وكي يعود إلى الواجهة. وكي يمنح الديمقراطية المغربية وهجا إضافيا.
مؤكدا وجوده في أي خلوة بين الرجل والمرأة.
وفي أي غرفة.
ويتابع موقع كود الموضوع عن كثب. ويأتي بصورة تقريبية للشيطان. بقرنين فوق رأسه. وبشوارب سالفادور دالي. وبجسد مفتول العضلات.
وأحمر اللون.
متوسطا عبد الإله بنكيران وعبد اللطيف وهبي.
فلو لم تكن للديمقراطية المغربية صحافة جادة تواكبها. وتتابع نقاشاتها. لما كانت متميزة عن نظيراتها في العالم.
ولما أفسحت المجال للشيطان. وللجن.
وبغض النظر عن اتفاقنا مع إبليس من عدمه. فإن مجرد حضوره. يضفي على المشهد السياسي المغربي خصوصية. ويمنحه حيوية.
كما أنه يساهم في فتح النقاش على آفاق ميتافيزيقية. تفتقدها الديموقراطيات الأخرى.
و يجعل المواطن يتخيل. ويطرح الأسئلة.
ويدفع رجل القانون إلى البحث في الشيطان. وإلى الاهتمام به كطرف. والمحامي إلى التفكير في حضوره. وفي غوايته.
والمبدع إلى سبر أغواره.
والمفكر إلى تقليبه من كل جوانبه.
ويجعل الصحافي الجاد يساهم في تقريب صورة الشيطان إلى القارىء. كما فعلنا في موقع كود. حين قدمناه لمتابعينا حسب تصورنا له. فجعلناه أحمر اللون. وبقرنين.
وهناك خط تحريري قد يراه أسود.
أو أزرق.
وهناك خط تحريري قد يرفض تجسيمه.
و هناك من لا يؤمن بوجوده.
وهناك خط تحريري يسكنه الشيطان.
وهناك من يكمن في تفاصيله.
وحسب اختلاف خطوط التحرير. والتوجهات. تختلف زاوية المعالجة.
وهذا كله يصب في مصلحة الديمقراطية المغربية.
ويجعلها فريدة من نوعها.
ومتميزة.
ولا مثيل لها.
وقابلة للآخر. وللمختلف. و للغريب. وللا مرئي.
ديمقراطية يحتضن فيها الكائن الترابي ذلك الذي من مارج من النار.
وتصير فيها الأرض منفتحة على السماء.
و الحياة الدنيا على الآخرة.
والجد على الهزل.
ويصير فيها الشيطان طرفا
وفاعلا سياسيا.