ما قاله ساجد في يومية الأخبار الصادرة يوم الثلاثاء خطير للغاية. ويستوجب قيام كل السلطات المعنية بتوضيح ما الذي تم، إنه يبعث القشعريرة في جسد كل من له إحساس بالحياة وبالحياء.
فقد قال ساجد إن «وزارة الداخلية طلبت من الأبناك أن تزودها بأسماء رجال أعمال ناجحين، وحددت صفات لذلك، وقد استقرت النتائج على اختيار 100 رجل أعمال .. وكنت ضمن اللائحة. ذات صباح اتصل بي الوزير الأول السابق، ادريس جطو وقال إنه يريد أن يتناول وجبة الفطور معي، وأطلعني على أن المسؤولين في الرباط يريدون مني الترشيح للانتخابات البرلمانية، وشرع يشرح لي شروط الترشح فوق القانون.. وقال إن جهات عليا طلبت منه إيصال الرسالة إلى بعض رجال الأعمال المختارين .. »
طبعا سيقبل ساجد المهمة.
ويتبين من هذا التصريح:
1 – أن وزارة الداخلية قررت أن تختار من بين رجال الأعمال رجالا للسياسة، وبذلك تكون هي الساهرة على رعاية التمازج بين سلطة المال وسلطة القرار السياسي. وهي صانعة النخب.
2 – يتبين أن قرار وصول هؤلاء الذين تقدموا باسم الداخلية تحت راية الأعمال فازوا، وعليه فقد تم انتخابهم أولا بقرار إداري وسياسي، لكي يعرضوا على الشعب من «أجل المصادقة» لا غير!
3 – إن ما كنا نشعر به، ونتلمسه بالتحليل، جاء من يقر بأنه تم فعلا، وأن الذي اختار ساجد على رأس الدارالبيضاء والبرلمان هو الإدارة أولا، والوزير الأول «بناء على سلطات عليا» لا نقيس درجة السلم الذي تصله!!
أما الديموقراطية فهي من باب بوليصة التأمين على الواجهة من أية كسور قد يتسبب بها حجر من الخارج!
4 – إن الذي وقع للدارالبيضاء، على يد ساجد وكل الحروب التي فرضت على أحزاب سياسية، منها الاتحاد في الدارالبيضاء كان مغزاها هو اختيار من يجب اختياره على قاعدة النجاح في إدارة المقاولات. وتكون الطبيعة هي أن الشعب لم يفقد فقط صوته، بل تحول ماديا ورمزيا إلى مأجورين لدى رجال الأعمال.
5 – نفهم لماذا أن الذين عارضوا من الأحزاب هذا التوجه تم بالفعل معاقبتهم على جرأتهم وتم تقزيمهم من بعد..
6 – كيف تريدون من الذين تم اختيارهم بقرار من الوزير الأول ومن وزارة الداخلية أن يحترموا اللعبة الديموقراطية أو يصدقوا أن هناك رقابة ديموقراطية، أو يؤمنوا بأن هناك شعبا أصلا!!
ما حدث يفرض على جطو أن يمتلك الشجاعة ويتحدث..
ومازلت أذكر كيف استقبلنا جطو في بيته، بعد انتخابات 2003، ووصول ساجد إلى سدة البيضاء الأولى، وكيف كان يسخر من كل الاتحاديين الذين عارضوه في الدارالبيضاء، وكيف كان يتهكم من الذين يحملون بطائق. وقتها السي ادريس قال «هل ذنبي أنني لا أملك بطاقة حزب pas encarté»!
اليوم عليه أن يملك المسؤولية الوطنية لكي يقول لنا ما حدث.
لقد سئمنا – وهرمنا أيضا – من هذا الفصادfaçade ، وأصبح علينا أن نقول ما وقع في الزمن القريب؟
وكيف كانت الداخلية تختار الوزير الأول، يقنع.. والشعب الانتخابي المختار، يفوز!
هل يمكن أن نسلم بأن هذه الأشياء ماتت إلى الأبد؟
أبدا، فقد رأينا مباشرة كيف كان الاختيار يتم في مناحي عديدة من بؤر السياسة والتسيير والتدبير.
ونسمع هذه الأيام نفس اللائحة المئوية!
هل هي مجرد صدفة أم هي عودة إلى تلك الطريقة؟
نسمع اللائحة لمائة شخص يختارهم … المجهول، كما نقول دعوة ضد مجهول ويصادق عليهم الشعب، وهو يعتقد بأنه يمارس الديموقراطية.
ولا شك أن الكثيرين سيتبجحون لنا بأنهم يملكون الشرعية الشعبية ويمطروننا بأنهم جزء من السيادة.
وليته لا يقاطع، وليس يشارك؛ ويصادق على الاختيار، بل نرى أن هؤلاء يتزامن صعودهم مع هبوط نسبة المشاركة الشعبية.
اليوم هذا الفصاد لابد أن يسقط.
ساجد عليه أن يستخلص العبرة .. ويرحل، لأنه كشف أوراقه، وكشف كيف جاء، وكشف لنا أن طريقه مرسوم مرسوم مرسوم!
ومثل هؤلاء سيصبحون الثلث الناجي الذي يأتي به القرار الإداري، وكأنه سر من أسرار الدولة.
فهل هناك سر من أسرار الدولة يمكنه أن يزكي وضعا فاسدا يعلق الرقابة الشعبية والمشاركة الشعبية؟
إطلاقا.
ولهذا لابد من أن نفتح هذا الموضوع على مصراعيه.. ولنا عودة إليه!
9/6/2011