حميد زيد كود ////

في غمرة انشغالنا جميعا بتخليد ذكرى 20 فبراير المجيدة ، نسينا الاحتفال بذكرى 14 فبراير، وهو اليوم الذي رأى فيه موقع”كود” النور لأول مرة.

لقد مرت ست سنوات بالتمام والكمال.

وللتاريخ، فقد سبقنا حركة 20 فبراير بأسبوع، وقبل أن ينزل الشباب إلى الشوارع، كان صحفيو كود، يتربصون بهم في المنعطف.

وأتذكر أن مديرنا السيد المحترم أحمد نجيم، أمرنا أن نخرج إلى الوجود قبلهم، كي نشارك صحفيا في الحراك المغربي ونساير الربيع العربي من موقعنا كإعلاميين، فأخذنا القطار، وذهبنا إلى بيت المدير في الدار البيضاء، فأطعمنا وآوانا ومنحنا المشروبات اللذيذة، ولما استيقظنا، ذهبنا إلى جريدة “أخبار اليوم” في غفلة من مديرها، وجلسنا في مكاتبها، وصورتنا القناة الثانية، على اعتبار أن جريدة “أخبار اليوم” هي مقر كود، وشاهدنا المشاهدون، وانطلت الحيلة على الجميع، وظنوا أننا موقع إلكتروني محترم يتوفر على مقر محترم وكومبيوترات محترمة ومقاعد محترمة وصندوق قمامة محترم نرمي فيه الأوراق بعد أن نجعلكها.

وقال الزملاء من أين لهم هذا.

من أين حصلوا على مقر كهذا. لا. لا. لا بد أنهم مدعومون من الموساد.

وفي الغد بدأنا في قصف العالم بالأخطاء.

وبالأخبار.

وبفضيحة وعاجل وبالدارجة المزابية.

حتى تعودتم علينا.

ولما ظهرت حركة 20 فبراير، كانت كود تتبعها.

وتتبع بناتها على الخصوص.

تبعتهن كود وكتبت عنهن، انسجاما مع خط تحرير مديرنا الذي يقول إن ما لا يؤنث لا يعول عليه.

وله في هذا الموضوع مقال تاريخي عنوانه على ما أذكر “تومادر هدى غزلان..” أو شيء من هذا القبيل.

وكان أحمد نجيم يحضر إلى اجتماعات الحركة ولا يكتب إلا عن بناتها، بينما كلفنا نحن بالذكور وبنجيب شوقي.

وفي الأسبوع الأول حدث شرخ.

وظهر تيار رجعي كنت أتزعمه أنا، يشتغل مع الدولة وأجهزتها ومع ضاحي خلفان.

وتيار حداثي يتبع بنات الحراك المغربي ويرى أن الثورة تصنعها النساء.

لكن لا أحد فينا كان يثق في شباب 20 فبراير الذكور، وهي نقطة كانت مشتركة بين الجميع في الموقع، ولا اختلاف فيها.

لم يكن أحد من طاقم كود يصدق أنه فعلا يشتغل في جريدة إلكترونية، وكم كانت المفاجأة كبيرة، حين توصلنا في آخر الشهر برواتبنا.

كنا نعتقد أننا نتسلى إلى أن نعثر على عمل.

ومع الوقت صارت كود هي المكان الذي أشتغل فيه.

وعندما يسألونني أين تعمل أقول لهم كود.

وعندما يقبض علي رجال الأمن أقول لهم كود.

كود.

كود.

وفي المطارات

وفي الأعراس

وفي المناسبات

ودائما كان الناس يلومونني على شيئين هما الدارجة وكيم كارداشيان.

يحبون كود لكنهم يخجلون من كيم كاردشيان ولا يتفقون مع خطها التحريري.

ويحتجون على عجيزتها.

ولحد اللحظة أنا لا أصدق.

وأعتبرها مرحلة مؤقتة. ولعبة كنا نلعبها. وليست مهنة ولا مكان عمل.

ثم أين مقر العمل.

فمنذ ست سنوات وأنا في شقتي لا أبرحها.

أكتب المقالات وأبنائي يتشعبطون في، ويجرون شعري، ويسكبون علي المرق والحريرة، والقهوة والشاي، ولا أتوقف، وأستمر في مهنتي.

رغم كل الصعاب أستمر.

أتعرفون لماذا.

لأني صحفي مهني. والصحفي المهني يكتب في كل الظروف.

ويحدث أن تقول لي زوجتي حميد سالا الحليب. وأذهب لإحضار الحليب.

ثم أعود لأكمل مقالي.

ولا شك أنكم تشمون في مقالاتي أحيانا رائحة مرق أو قهوة، وأحيانا يكون المقال دائخا، حسب الظروف ونوعية الصعاب التي أواجهها.

إيه لقد مرت ست سنوات على تأسيس هذا الموقع العجيب.

ومعه طبع القراء مع الأخطاء.

وأصبحت الصحافة المكتوبة الورقية تنقل من أحمد نجيم وتكتب”عاجل. فضيحة”.

ودون أن يرف لها جفن صارت تقلد أخطاءنا.

وتأخذ أسوأ ما فينا.

وحدث مرات كثيرة أن حاول مديرنا أن يطور الموقع

ويمؤسسه

لكن كود ترفض دائما

وتحرن

وتقول له أنا هي أنا وأريد أن أبقى كما كنت

لا أرغب في المساحيق

وأنا جميلة هكذا بلا ماكياج وأحب أخطائي

وكما خلقتني أريد أن أبقى

وكما عرفني القراء أول مرة

بأخطائي

وفوضاي

فيطبطب عليها أحمد نجيم، ويعتذر لها

وإذا ظهر عنوان صحيح وخال من الأخطاء يعمل بكل ما أوتي من قوة على تخطيئه

فتنتعش كود. وتفرح.

ويأتي إليها سقراط. وسهام. والدكتور أكنوش. وجواد الأنصاري. وأنا. وعمر أوشن بأناقته اللغوية. في خلطة عجيبة.

ثم تلتحق بنا دلوعتنا

وجميلتنا

وحبيبتنا جميعا الكاتبة الراقصة المثقفة حكيمة الحكيمات

وكل هذا في موقع

يسيره شخص لا يمكن أن يعول عليه حتى في تسيير نفسه

شخص يشبه خطأ

يتجول

حرا طليقا

في هذه الأرض

ويحمل معه موقعه

أينما

حل

وارتحل.