هشام أعناجي – كود الرباط//
تستمر الآثار السلبية في التكشف يوما بعد يوم للحرب الأهلية في السودان، إذ تتفاقم المعاناة والأزمة الإنسانية بشكل مستمر بسبب نقص الموارد، وتدمير البنية التحتية وانقطاع الخدمات والموارد.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف” في بيان لها السبت 3 ماي، أن 70% من مرافق المياه في السودان تضررت بشكل كامل، إذ خرجت 13 من أصل 18 ولاية في البلاد عن تقديم خدمات مياه الشرب للسكان، بعد تدمير البنية التحتية جراء الحرب.
من دمر البنية التحتية؟
كشف تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان بالأمم المتحدة الموجه إلى مجلس الأمن، والذي تم الكشف عنه خلال شهر أبريل الماضي، عن قيام الجيش السوداني بشن غارات عشوائية على مناطق متفرقة في البلاد، تسببت في ضرر بالغ للبنية التحتية والمرافق الحيوية والمدنية التي تقدم الخدمات للسكان.
وأشار التقرير الأممي إلى قصف الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني البنية التحتية الحيوية، مما ترك سكان المناطق الحضرية محاصرين ومعرضين للخطر، وبلا خدمات أساسية وإنسانية، كما طال القصف عدة مستشفيات ومراكز صحية.
وسجلت منظمات محلية وأممية عديدة، قيام الجيش السوداني بشن غارات متتالية بسلاح الجو على مناطق مكتظة بالمدنيين، في حوادث وثقتها مجموعة “محامو الطوارئ”، والمرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان، والتي كان أبرزها قصف سوق في ولاية شمال دارفور في شهر مارس الماضي، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين، فيما تم وصفه على أنه جريمة حرب، بعدما ألقت الطائرات الحربية التابعة للقوات المسلحة السودانية براميل متفجرة وصواريخ وقنابل على رؤوس المدنيين مباشرة بعيدا عن مناطق النزاع المسلح، أو التكتلات العسكرية والحربية لأطراف الحرب الأخرى.
وخرجت الكثير من القطاعات المدنية عن الخدمة في السودان بعدما تعرضت البنية التحتية للقصف، وتوقف مصانع الغذاء والدواء عن العمل في أغلب الولايات والمناطق، كما تعطل العمل بأغلب المستشفيات والمراكز الصحية، وكذلك محطات ومرافق مياه الشرب التي كانت هدفا واضحا خلال الحرب، بقصد زيادة معاناة السكان.
السودانيون بلا ماء
وفي ظل نقص الإمدادات الغذائية والطبية، تزداد معاناة السكان في السودان بعدم توافر مياه الشرب، مما يجعل الجميع في حاجة ماسة إلى إيجاد مصادر بديلة للمياه لتعينهم على مواصلة الحياة في تلك الظروف القاسية.
وذكر موقع “سودان تربيون” إن السكان في كثير من المناطق ذهبوا إلى مجرى نهر النيل لشرب الماء، ولجأ البعض إلى المياه الجوفية والآبار السطحية في المناطق الصحراوية والنائية، مما تسبب في زيادة وتفشي الأمراض والأوبئة لعدم نظافة المياه وتنقيتها.
وتضررت 80% من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع، و45% من المناطق الأخرى، الأمر الذي زاد من صعوبة العلاج من الأمراض والأوبئة الناتجة عن المياه الملوثة.
وجاء في بيان “يونيسيف” أن النزاع دمر البنية التحتية للمياه على وجه الخصوص، بشكل جزئي وكلي، كما لحق الضرر بمحطات معالجة المياه والآبار وخزانات الماء، وشبكات النقل، ما أدى إلى حرمان نحو 9 ملايين طفل وامرأة من الحصول على مياه شرب آمنة في منازلهم ومدارسهم ومرافقهم الصحية، بحسب التقرير.
كما تزداد معاناة النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء، بعد توقف عمليات نقل مياه الشرب إليهم، ما يجعلهم معرضين لخطر أكبر، إذ تقل فرص الحصول على مياه شرب آمنة، وخدمات صرف صحي كافية.
وخلّفت الحرب الحالية في السودان نحو 11.2 مليون نازح على الأقل داخليا، بحسب التقرير الأممي، يعيش أغلبهم في مخيمات ومراكز إيواء تفتقر إلى خدمات المياه والرعاية الصحية.
كما لفتت “يونيسيف” إلى أن عمليات تدمير ونهب الألواح الشمسية ومعدات التحكم من محطات المياه، تسببت في وقف إنتاج شرب المياه النظيفة للسكان، وأوقفت مضخات المياه عن العمل، وعطلت أجزاء ضخمة من شبكات مياه الشرب في البلاد.
وتعمل منظمات محلية ودولية وأممية، من بينها يونيسيف، على توفير مياه شرب آمنة، من خلال معالجة المياه وتنقيتها، وإعادة تشغيل المحطات المتضررة، لكن ما يقدم يظل دائما أقل من حاجة ملايين السكان.