حميد زيد – كود ////

الدولة بدورها تكره هذه الرتابة.

وهذا الهدوء.

وهذا الفراغ السياسي.

الدولة مثل البشر

يصيبها هي أيضا الضجر.

و يحدث داخلها التنافس. والغيرة.

الدولة يحدث أن تتنافس مع نفسها.

وتحاول النيل من نفسها.

والقضاء على نفسها التي تزاحمها.

الدولة يحدث أحيانا أن ترغب في أن تحتكر الدولة.

وموارد الدولة.

وثروة الدولة. ومعادن الدولة.

الدولة ورغم أنها تبدو واحدة ومنسجمة إلا أنها لا تتردد في أن تتعدد حين يتعلق الأمر بالمال.

وها هي قد قامت تعارض نفسها. وتحتج عليها. وتفضحها. وتكشف فسادها.

متحدثة عن دولة داخل الدولة.

وبينما انقرضت الصحافة المستقلة.

وانقرضت الجرائد.

وانقرضت الأحزاب.

وانقرضت المعارضة.

فقد وجدت الدولة نفسها مضطرة. وعبر موقع إلكتروني مقرب منها. إلى لعب كل هذه الأدوار مجتمعة.

لتقود حملة على رئيس الحكومة.

وعلى المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط.

فلا شيء يحصل في المجتمع.

و كل هذا اللغط السياسي.

وكل هذا الضجيج الإعلامي.

وكل هذه الجدل العقيم.

هو لا شيء. ومفتعل. و للتسلية فقط. وللتغطية على الخواء الحاصل.

بينما كل شيء يقع في المغرب فإنه يقع داخل الدولة.

وبينها وبين نفسها.

وبين مصالح الدولة ومصالحها.

وبين أثريائها وأثريائها.

وبين المتحكمين فيها والمتحكمين فيها.

وبين المهيمين والمهيمنين داخل الدولة.

ويحدث أن تتركنا الدولة نتعارك مع بعضنا البعض. حول الفتات.

وحول اللغة.

وحول القيم.

موفرة لنا الإسلاميين لنحاربهم.

وموفرة لنا إدريس لشكر. ونبيلة منيب. وبنكيران.

وموفرة لنا عزيز أخنوش كي ننتقده.

مراقبة الوضع من فوق.

متفرجة فينا.

أما حين يتعلق الأمر بالأمور الجدية.

وبالاقتصاد.

وبالمال.

وبمن يهيمن عليه.

فإن الدولة تشمر عن ساعديها وتحارب اقتصاد الدولة.

وتحارب حكومة الدولة.

وتناضل من أجل إسقاطها.

فيعود التوتر إلى المغرب.

ويعود الصراع.

وتعود المنافسة.

وتعود الحياة.

وتعود الصحافة المنتقدة. التي ليست في هذه الحالة المغرية سوى صحافة الدولة.

وكل ما يحدث فإنه يحدث داخلها

داخل الدولة الواحدة.

وداخل منابرها ومواقعها

أما خارجها

أما خارج الدولة

فلا شيء يقع.

خارجها نوجد نحن

نحن المغاربة

نحن الذين نستغرب.

ونتساءل كيف لدولة أن تحارب اقتصادها الناجح.

وكيف لصحافة مقربة من الدولة أن تهاجم أكبر مؤسسة اقتصادية تابعة لها.

بحرية تامة

ودون خوف من المتابعة.

ودون خوف من قطع الإعلانات عنها.

ودون خوف من الإضرار بالدولة وبمصالحها.

ودون خوف من تعريضها للإفلاس.

أما خارجها

فيوجد الفراغ

و توجد نقاشات

ومواضيع

وأخبار

وأسماء

لا تساوي حتى بصلة.

وتحدث أشياء كثيرة في الظاهر

و في الشارع

وفي الفيسبوك

وداخل التنظيمات السياسية

وفي الندوات والتجمعات الخطابية

بينما لا شيء يحدث أبدا في الواقع

إلا داخل الدولة.

التي تخرج بين الفينة والأخرى

وتفاجئنا

بأن حرية الصحافة ممكنة في المغرب

والانتقاد ممكن

والمنافسة الحرة ممكنة

والصراع ممكن

والاختلاف ممكن

لكن في بطن الدولة ووسطها

أما خارجها

فيوجد مغاربة يفغرون أفواههم من الدهشة

ومن عظمة دولتهم

وخصوصيتها.

ومن كل هذا الصراع الذي يقع فيها

ومن كل هذه الحرية التي يتمتع بها الفرقاء الاقتصاديون والسياسيون داخلها.