كود كازا//

سارعت الدولة الفرنسية لتصحيح موقفها من الصحراء المغربية، على بعد 3 أشهر تقريبا من الانتخابات الأمريكية، وكان رهانها صحيح بعودة ترامب لرأس الإدارة الأمريكية وما يعنيه من تدخل أمريكي حاسم لنصرة الموقف المغربي.

توقع الدولة العميقة الفرنسية كان في محله، وراهنت على إعادة انتخاب ترامب، واللي كانت جميع المؤشرات تؤشر على نجاحه منذ إصرار بايدن على إعادة ترشحه، وحتى الارتباك الأخير بترشيح كمالا هاريس التي لا تتمتع بخبرة سياسية واسعة، أكد على أن ترامب ماض لحسم النتيجة لصالحه بفارق واضح كما تبين اليوم.

رهان المغرب على ترامب منذ اليوم الأول، تدعمه هذه العودة غير المسبوقة على الرغم من الصعوبات القانونية التي واجهها ترامب، أو حتى التي شكلت تهديدا على حياته بعد محاولة اغتياله.

هذه العودة تعني الشيء الكثير للمغرب. بداية بالقضية الأولى التي تهم المغاربة وهي الصحراء، فقد استطاع المغرب وبحذر شديد الالتزام بالاتفاق الثلاثي على الرغم من الغضب الشعبي الذي تزايد بعد الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، وبالتالي فقد سجل نقاطا مهمة لدة إدارة ترامب منذ البداية.

بديبلوماسية شديدة، التزم المغرب بهذا الاتفاق وندد في نفس الوقت بالانتهاكات الإسرائيلية في غزة، كما لم يمنع التعاطف الشعبي من الخروج في مظاهرات بالمدن المغربية، وبتوازن حريص لم يتراجع عن أي من مضامين الاتفاق. كانت هنالك أزمة صامتة وفتور في العلاقات بين الرباط وتل أبيب، ولكن في نهاية المطاف لم تمس بأي بند من بنود هذا الاتفاق، وعبر المغرب إلى بر الأمان حتى انتخاب ترامب.

وبعودة ترامب، ستكون الديبلوماسية المغربية قادرة على أن تلعب دورا أكبر أيضا في ملف غزة، وأن تكون جزء من الحل المعتدل الذي بدأت تظهر إشاراته من أجل تدبير مستقبل القطاع، وهو ما يعني نصرا جديدا للمغرب على الجزائر التي تحاول أن تقدم نفسها كوسيط في حل أزمة غزة.

سيكون المغرب أيضا في وضعية أفضل من مناورات اللوبي الجزائري بواشنطن، والذي ينشط كل سنة عند موعد تمديد مهمة المينورسو، وسيكون بمقدور المغرب أن يعمل على تحقيق مكاسب أخرى.

قد لا يكون مفاجئا أن يمر المغرب في ملف الصحراء للسرعة القصوى، وإحداث اختراقات أكبر وأهم لدى دول أخرى هذه المرة بدعم أمريكي-فرنسي واضح ومتكامل، وأن يفرض الأمر الواقع على الجزائر وجرها لطاولة التفاوض.

ستخف بدون شك نبرة التهديد والتلويح بالحرب لدى النظام الجزائري، الذي يبدو الآن محاصرا بشكل واضح، فلا هو يقترح حلا بديلا عن الحكم الذاتي بالصحراء، ولا هو يملك قدرة على المناورة وتفسير العداء الشديد الذي يكنه للمغرب.

بدون شك انتخاب ترامب ستفتح قوسا أكثر فاعلية للمغرب، تحت إدارته الأمور أبسط بكثير وأكثر وضوحا من انتخاب رئيس ديمقراطي بأجندة ملتبسة ظاهرها تقدمي ديمقراطي، وباطنها عدائي ينزع لتشجيع وتأجيج الصراعات.