حميد زيد – كود//

أي هفوة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

أي خطأ.

أي إهمال.

على المواطن ووسائل الإعلام أن يؤدوا ثمنه.

نعم.

هذا هو الحل المثالي.

المواطن والصحافي هما المذنبان في هذه الحالة.

ونستحق السجن بسبب التسريبات.

وبسب القرصنة التي تعرض لها الصندوق.

وفي وقت توجد المعطيات المسربة لهذا الصندوق في كل مكان.

وفي المقهى. وفي الحمام. وفي السوق. وفي كل المواقع. وفي كل الصفحات.

وفي كل الهواتف.

وفي رسائل الواتساب. وفي التيلغرام. وفي المغرب. وفي الجزائر.

ومرمية في أرض الفيسبوك.

وفي الشارع. وعلى قارعة الطريق. وعلى كل لسان.

فإن السي إن إس إس قرر معاقبة المغاربة ومحاكمتهم بتهمة نشر ما تم تسريبه.

وبدل أن يلوم هذا الصندوق نفسه.

وبدل أن يتعرض المسؤولون عنه للمحاسبة.

ويبدل أن يراجع سياسته الأمنية. وطريقة حمايته لمعطيات المواطنين.

وبدل أن يحاسبه المغاربة. قرر هو محاسبتنا.

حيث كل شيء في المغرب يحدث بالعكس.

والمتهم

يحاسب الضحية.

بعد أن رأى أن الخيار الأنسب بالنسبة إليه هو تهديدنا بالمتابعة القضائية.

والقبض علينا.

وكلما “طاح” الصندوق علقوا الصحافيين.

وفي كل فضيحة.

يدفع الصحافي الثمن

ويتم تهديده و منعه من نشر التسريبات

ومن نشر الأخبار

ومن نشر الفضائح

ومن نشر الأرقام

ومن نشر المعطيات

ومن نشر الحقائق

و حتى عندما تأتي هذه التسريبات إليه. و تنتشر.

فإنه عليه أن يخفيها. و يتستر عليها.

خوفا من الصندوق

ومن أن يزج به في السجن.

وفي كل العالم

دو الصحافي أن يبحث عن الأخبار

والتسريبات لينشرها

بينما هنا يهددوننا في كل مرة

ويختزلون دورنا في الحجب. وفي الصمت. وفي غض الطرف.

وفي أن لا نقترب من السلطة

ومن رجال الأعمال

ومن كل المؤسسات

وفي أن نمشي على البيض

و نتجنب الحديث عن كل ما من شأنه أن يجعلنا عرضة للمساءلة القانونية

وحتى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

وحتى هذا الصندوق

الذي اكتشفنا أنه مثقوب

ولا غطاء له

ولا قفل

وأنه سهل الاختراق

حتى هذه الصندوق

لم يجد سوى الصحافيين

ليهددنا بالمتابعة القضائية

و ليغطي بذلك على فضيحته.

و ليمنعنا من نشر تسريبات هي الآن ملقاة في كل مكان.

في مغرب صار فيه تهديد الصحافي بالسجن

حلا سهلا

يغطي على كل الأخطاء والفضائح والمسؤوليات.

وصار دوره هو أن لا ينشر أي شيء

وأن يكتفي بنشر رجليه

منتظرا نهاية كل شهر

الأجر الذي تمنحه له الدولة مشكورة

والزيادة في الراتب على دفعتين

وألف درهم هذه السنة

وألف درهم في السنة التي بعدها

شرط أن لا ينشر أي شيء

ولا يتكلم

ولا ينبس ببنت شفة.