حميد زيد – كود//

أنا لست ضد أن تضحوا بي. و لست ضد أن تلتهموني بالكامل.

كما أني أقدر تدينكم. وأيمانكم العميق.

و شرهكم.

وحبكم للحم. مع أنه لحمي.

وعشقكم للشحم. ولبولفاف. في مزج غريب بين متطلبات الروح ومتطلبات المعدة.

هذه كلها أشياء أتفهمها. ولا اعتراض لي على ذلك.

فأنا صراحة لذيذ.

كما أنكم تصنعون مني العجب.

وحتى أمعائي تستفيدون منها.

وحتى ذيلي تحتفظون به.

لكن لا يقل لي أحد إن كل هذا الإصرار على الحصول  علي هو من أجل الله.

أنا لا أصدقكم أيها المغاربة.

الله بريء مما تفعلون بي.

ولذلك أستغرب كيف تنفقون من أجل أن تشتروني كل رواتبكم.

وقد شاهدتكم تنتظرونها أمام الشبابيك الآلية.

كمن ينتظر معجزة من السماء.

تنتظرونها كخلاص.

تنتظرونها كرسالة جديدة.

تنتظرونها ولا يهمكم ماذا سيقع غدا.

وكم أشفقت لحالكم أيها المغاربة.

كم تألمت.

وكم تحدثت مع باقي الخرفان عن معاناتكم.

ورغم أننا نحن الذين سنذبح بأعداد غفيرة. وفي يوم واحد. في إبادة جماعية تعودنا عليها.

فإن وضعكم أسوأ منا.

و أتساءل ماذا ستفعلون بعد العيد. بعد أن أنفقتم كل ما تملكون.

وكيف ستعيشون الشهر القادم الذي سيبدأ بعد العيد مباشرة.

وأرى أنكم لا تكتفون بالحرص على التضحية بي.

بل تضحون أيضا برواتبكم كاملة.

وتذبحونها ذبحا.

ولو كنا نحن الخرفان بشرا.

ولو كان لنا عقل.

لما أنفقنا كل ما نملك في يوم واحد.

ولفكرنا في الغد.

وفي العطلة.

وفي الدخول المدرسي الذي سيأتي بعدها  مباشرة.

ولاستعملنا عقولنا.

ولتوجهنا إلى الله الذي خلق كل الكائنات. ولشكونا له حالنا. وعجزنا. وما نعانيه مع هذا العيد.

وما يحز في قلوبنا نحن الخرفان.

أن المزاليط منكم هم الأشد حرصا على شرائنا.

وبأي ثمن.

وهم الذين ما زالوا يتنافسون في ما بينهم على من يحصل على أكبر خروف منا.

رغم أننا نرى بحكم اختلاطنا بكم . أن حياتكم كلها كفر في كفر.

وحين يقترب موعد عيد الأضحى يظهر عليكم تدين مفاجىء.

تدين لاحم. ومتعطش لإراقة الدماء.

تستعدون له بشراء الشوايات. وأكياس من الفحم ومن البصل.

ومعه تنسون الله.

وتنسون الحكمة من وراء العيد.

وتنسون سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل

وتنسون نزول جبريل من السماء حاملا معه كبشا أبيض.

وتنسون الشهر القادم

وتنسون القروض.

وتنسون كل شيء.

وتنسون وضعكم الذي لا يسر صديقا ولا عدوا.

داخلين في مواجهة مباشرة معنا.

مدججين بكل أنواع وأحجام المطاوي والسكاكين

وبالمضخات الهوائية والشاليموات الغازية

حاملين الشواقير

كما لو أن الخروف هو عدوكم وهو سبب كل ما تعانونه من ظروف.

بينما لو دققتم النظر.

بعد أن تشبعوا وتشربوا المياه الغازية

لا كتشفتم أننا نحن معا ضحية.

وفي الوقت الذي نفقد فيه نحن أرواحنا. تفقدون أنتم رواتبكم. وكل ما تملكون.

بينما من يجب أن يضحي

مسافرون

ولا يعودون  إلى المغرب

إلا بعد أن تختفي منه الروائح الكريهة التي نتركها خلفنا.

لتكتشفوا أيها المزاليط

أنكم ذبحتم الراتب كله

وذبحتم الشهر القادم من الوريد إلى الوريد.