على الرغم من ذلك، فقد كانت لإرادة السطان في إقحام ابنه مبكرا في الشؤون العامة آثار سلبية على وضعيته الحسن العامة، فالأخير تميز بذكاء وحس سياسي سليم وهو بعد في عامه الرابع عشر، وفي الوقت الذي استعرت الحرب في العالم، كان ما سمعه قد أثر عليه بشكل عميق: إنه منهك.
موريس دوفال، مدير المدرسة المولوية، هو أول من دق جرس الإنذار بقوله”أخاف أن يكون لتوتر الأمير الكبير تأثير سيء ليس على دراسته فحسب بل أيضا على صحته”.
كان القلق الذي انتاب المدير واضحا، لأنه وفي السنة السابقة على ذلك، منحه الحسن رضا شاملا، حيث استخلص في سنة 1941-1942 بكتابته في كناشه المدرسي أنه “تلميذ جد مجتهد يتوفر على ذكاء غير عادي، نشيط وتلقائي. قادر على أن يكون فطنا ولامعا…”
وتم أخذ تحذير المدير بعين الاعتبار..بالتقليص من تنقلاته الرسمية، كما بدأ يتناول مقويات، وصار يطلب منه النوم أكثر وممارسة الرياضة أكثر.
فرنسي آخر هو من سيتكلف به في هذا المجال، ويتعلق الأمر بالسيد “ميال”، وفي هذه المرحلة سيصبح فارسا متمرسا، وذلك بفضل التعليمات الصارمة للملازم الثاني”لافوري” والد المغنية “ماري”.
في يناير 1944 وحين قام المقيم العام غابرييل بيو الذي خلف نوغيز باعتقال عدد من قادة حزب الاستقلال، أياما بعد تعميم وثيقة الاستقلال، كان مولاي الحسن وزملاؤه، حسب رواية إدوار سابليي، “يتسلقون كل يوم سور المدرسة المولوية ويهتفون مشجعين المتظاهرين، مرددين مطالبهم ومطالبين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين”.
بعد ذلك سيعطي الحسن الثاني تدقيقات حول موقفه في تلك الأوقات العصيبة بالقول إن”تضامننا مع الزعماء الوطنيين المعتقلين لم يقتصر على مجرد نقد موجه ضد السلطات الفرنسية، ولا مجرد إدانة للإجراءات المستفزة التي شرعت باتخاذها في حق والدي، أو للقمع الذي كانت تمارسه في حق شعبي، بل امتد إلى توقيف شامل لنشاطنا في المدرسة المولوية لمدة يوم، والذي عبرنا من خلاله عن دعمنا.. وبالفعل، فقد أثر كثيرا هذا الإضراب بين صفوف التلاميذ على المقيم العام ومعاونيه، وفتح تحقيق لمعرفة إلى أي حد أتفاهم فيه مع بالوطنيين، في وقت لم أكن أبلغ فيه عامي الخامس عشر”.
ولو تم تفهم قلق الأب، فإنه لأمر مثير للاستغراب أن تثير وطنية ابنه غضب السلطان.
سيتحدث الحسن الثاني عن ذلك مطولا”نال سلوكي استهجان الإقامة بشكل كبير، حتى أن باريس أرسلت عقيدا ينتمي إلى المكتب الثاني، والذي حقق لمدة ثلاثة أسابيع حول نشاطات ومشاعر الأمير مولاي الحسن المعادية لفرنسا.
قال لي والدي وهو جد متضايق”ألا يكفيك القلق الذي أشعر به؟ ما دمت تريد أن تلعب دور زعيم سياسي، إذن، ستذهب بدورك إلى السجن”، وحين حاولت الدفاع عن نفسي…قاطعني بالقول:”لا، لا تقل لي أي شيء، وستعلم أن الأمر ليس بهذه السهولة ولا بدون ثمن”، “فأعاد إرسالي إلى المدرسة ، وخلال ثلاثة أشهر ونصف، كنت محروما من الخروج، وفي الواقع كان المسكين خائفا جدا علي”.
