هشام أعناجي ـ كود الرباط//
في 27 فبراير 1980، اعترفت إيران بـ “الجمهورية الصحراوية”، التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد، وهو ما دفع المغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران.
اعتراف إيران، جاء كرد غير مفهوم على استقبال المغرب للشاه الإيراني الذي أطاح به ثوار الخميني، ورغم أن هذا الاستقبال كان لاعتبارات إنسانية، ورغم المحاولات الدبلوماسية التي قامت بها الرباط من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، إلا الخميني كان له رأيه عدائي بدون مبرر.
كانت الدبلوماسية المغربية، ولا تزال، معروفة باليد الممدودة، لذلك تقوم في كل مناسبة بدعم الشعب الفلسطيني بكل ما أوتيت من وسائل وطرق، رغم الإساءات المتكررة التي يقوم بها بعض قادة الفصائل الفلسطينية خصوصا الذين استقبلتهم الجزائر وحولتهم إلى أبواق عدائية ضد وحدة المغرب الترابية.
بعد مرور 44 عام، على الخطيئة السيئة لدولة إيران تجاه قضيتنا الوطنية، لا يزال حال طهران كما هو، ولن يشفع لها استقبال حماس ولا قادة ما يسمى بمحور الممانعة، لأن التاريخ كما يقول الأنتربولوجي المغربي عبد العروي هو عدو السياسي، لذلك سنذكر أنصار الحرس الثوري الإيراني بالمغرب، بما قامت به طهران طيلة سنوات مضت.
في السنوات التي مضت، عقدت طهران صفقات أسلحة مع أمريكا بوساطة اسرائيلية، كما تطرقت إليها الكاتبة مرح البقاعي في مقال بعنوان “ملالي طهران والذبح بالقنطة” منشورع على موقع الجزيرة.نت، حيث جاء في المقال :”في العام 1986 كشفت صحيفة لبنانية عن معلومات تتعلّق بصفقة عقدتها إيران الخمينية في العام 1981 مع الدولة التي كانت تدعوها بالشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأميركية)! هذه الصفقة تتضمن إمداد إيران بأسلحة أميركية نوعية ومتطوّرة أثناء حربها مع العراق وذلك مقابل إطلاق سراح خمس رهائن أميركيين كانوا معتقلين في لبنان.
وأضافت الكاتبة مرح البقاعي: “وأراد الرئيس ريغان أن يستخدم عوائد الصفقة لتمويل حركات “الكونترا” المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراغوا، ومن هنا جاءت تسميتها بإيران–كونترا، حيث تعاون العدوان المزمنان على تبادل المصالح السياسية المرحلية. الوسيط في هذه الصفقة هو أكثر غرابة وتناقضاً من الصفقة نفسها.. الوسيط في هذه الصفقة ومصدر السلاح كان إسرائيل!”.
وتابعت: “وقد قضت الصفقة ببيع إيران ما يقارب ثلاثة آلاف صاروخ مضادة للدروع من طراز تاو وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائرات. وقد عقد هذه الصفقة مباشرة في ذلك الوقت جورج بوش الأب، الذي كان نائباً للرئيس ريغان، وذلك في اجتماع حضره رئيس الوزراء الإيراني أبو الحسن بني صدر وممثّل عن جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (موساد) واسمه أري بن مناشيا. وتمّ الاتفاق على إقامة جسر جوي بين إيران وإسرائيل من أجل نقل هذه الأسلحة!”.
وفق الكاتبة، فقد سبب افتضاح أمر هذه الصفقة هزّة سياسية من العيار الثقيل للرئيس الأميركي ريغان وإدارته وجهاز استخباراته الذي غدت مصداقيته على المحك نتيجة تزويد الولايات المتحدة دولة “عدوّة” بالأسلحة الأميركية المتطورة والنوعية بما يخالف ثوابت الأمن القومي والسياسات العامة ومبادئ الدستور مجتمعة. ما يهمنا فيما أشارت إليه الكاتبة مرح، هو التعامل الميكافيلي لنظام طهران مع القضايا الدولية، لذلك ارى أن طهران مستعدة للتخلص من حماس وغيرها مقابل ثمن يجعلها في مأمن من أي استهداف غربي ودولي مستقبلا، كما أنها مستعدة (وفق منطق التاريخ والمصالح) على التحالف مع أمريكا واسرائيل.
وخلال هذه الأيام، رأينا نوع من “الاسهال” في الدعوات من التائهين فكريا لمصالحة مع ايران فقط لأنها تريد هلاك اسرائيل. بينما يجلس هؤلاء الدعاة لينظروا لأهمية الصداقة مع ايران، يتم تدمير ما تبقى من غزة بسبب تغرير ايران بحماس وغيرها من المقاتلين نيابة عن طهران في حروب الوكالة بالشرق الاوسط. معظم الداعين للمصالحة مع ايران لا يضعون حتى شروطا ولا يستحضرون المصلحة الوطنية وموقع المغرب في العلاقات الدولية ولا قضاياه. هؤلاء ينظرون بعقول تردد مسلمة تقول ان ايران في محور المقاومة ويجب التحالف معها لان العداء لاسرائيل اهم عندهم من مصالح المغرب وهذا يدخل في خانة عدو عدوي صديقي.
هذا الطرح بروج له كذلك التائهين فكريا وسياسيا مثل الهناوي وويحمان وغيرهم الخ، وهو طرح لا يأخذ بعين الاعتبار تحالفات المغرب، لأن بلدنا اختار التحالف مع الانظمة الملكية في الخليج ومع اسرائيل وايران عدوة حلفاء المغرب.
في المقابل، اختارت إيران التحالف مع الجزائر والبوليساريو، يعني تشكل تهديدا للامن الروحي المغربي ووجب التصدي لها. لذلك المطالبة بإرجاع العلاقات مع ايران ايديولوجيتها الحالية سيضر بتحالفات المغرب فضلا عن أن مكاسبه الاقتصادية تكاد لاتذكر. وحتى حياد ايران ومساندتها للبوليساريو من عدمه لايغير من معادلة الواقع في قضية الصحراء من شيء. لذلك المغرب كدولة غير نووية تحتاج لضمان توازن قوى في المنطقة لتصون مصالحها وقد اختارت تحالفاتها في هذا الاطار مع دول صديقة قديمة وجديدة آخرها اسرائيل وعلى مناصري الحرس الثوري في المغرب الوعي بأنهم يغردون خارج السياق المغربي ودون الاكتراث بمصالح البلاد. مصالح المغرب اهم من الصراع العربي الإسرائيلي المزمن والبعيد عنا، وبوصلة تقدم المغرب لا تحددها غزة اليوم، بل الذي يحدد البوصلة هو أزمة الماء، لأنه حتى من الناحية الاقتصادية قد واجه المغرب ازماته بكل جرأة ورصانة وتمكن تجاوز كل العقبات (كوفيد، التضخم..) لكن بقيت معضلة وحيدة مرتبطة بالسماء وهي الأمطار.
وفي انتظار فصل جميل من الشتاء، في مستقبل الأيام، ينقذ الفلاحة ويرفع من نسب النمو ويقلص البطالة، لا يسعني القول لهؤلاء الذي ينظرون إلى وطنهم بعقول “خارجية ومشرقية”: ارحموا وطنكم. وأضيف: انتم تعلمون جيدا بأن الدبلوماسية المغربية، كانت ولا تزال، دبلوماسية الهدوء واليد الممدودة، ورغم أنها الدولة الوحيدة تقريبا الى جانب مصر والإمارات، التي تدخلت انسانيا في قطاع غزة وساهمت في توفير الإعانات وغيرها، لكن أنصار الممانعة بالمغرب يرون أن دولتهم شريكة الاجرام والقتل لأنها لم تصدر البيانات التنديدية بمقتل هنية.