أنس العمري – كود///
بداو المغاربة كيوجدو ويستعدو لرمضان، لكن بوتيرة محتشمة نتيجة ما أحدثه التضخم وشهور الزيادات المتعاقبة في الأسعار من تدهور مزمن في جيوب الأسر، التي لا تخفي قلقها من موجة ارتفاعات جديدة قد تمس عددا من المواد الاستهلاكية التي تشهد إقبالا بالمناسبة، وذلك في ظل ترسخ هذا السلوك لدى التجار الباحثين عن تحقيق أكبر قدر من الربح في شهر الصيام.
“لي ما شرا يتنزه”
كيتجسد هاد المشهد فالوضعية للي كتعيشها الأسواق هاد الأيام، فرغم أن السلعة فيها مكركرة، غير أن الإقبال على اقتنائها محدود بزاف.. إن لم نقل أنه شبه معدوم في عدد من هذه الفضاءات، حيث حال لا البائع ولا المشتري يسر الناظر في ظل اكتفاء كل طرف التحدث لغة عيون تفضح الأول بتعبيرها عن ترقبه للزبون المنتظر، وتكشف حسرة الأخير على عدم القدرة على التجاوب مع هذا “النداء الصامت” وإغراءات جودة السلع المعروضة لعجزه على توفير ثمنها، والتي أمام قلة ذات اليد لم يعد يجد بدا من الاقتصار فقط على تمتيع الشوفة فيها ما دام أنه ليس فيها ما يخسره، وذلك عملا بالمثل الشعبي القائل “لي ما شرا يتنزه”.
وهاد الانتظارية القاتلة للرواج التجاري ولطعم مناسبة كهاته، والتي تبقى طقوسها وأجوائها أحد أكثر المصادر المدخلة للبهجة والسرور على القلوب للي واكلة العصا على الخصوص، بضنك العيش في زمن الغلاء، ما هي إلا جزء من مظاهر يومية تعيشها البيضاء، وقد تكون تتقاسمها معاها باقي مدن المملكة.
فالعاصمة الاقتصادية، وبما لها من إمكانيات تضعها في مرتبة أكبر محتضن للحركية التجارية بالمغرب، لم تسلم أسواقها ومتاجرها الضخمة من هذا المشهد المتمثل في “شوف فيا نشوف فيك” والخالي من عمليات التسوق.
وهو ما تجلى لـ”كود” في جولتها بعدد من هاد الفضاءات، بما في ذلك المؤثثة لأحياء تتوسط المدينة المليونية، وخصوصا المعروفة بعرض السلع الأكثر استهلاكا في رمضان، كما هو حال مارشي “درب ميلا”، الذي ارتبط اسمه بتسوق التمور.
التاجر والكليان.. كلها وهمو
فهاد الفضاء، وخا بدا هادي أيام فاستقبال الأطنان من حاويات التمور من مختلف الأحجام والأنواع، باقة حركية البيع فيه ثقيلة.
زبائن معدودين على رؤوس الأصابع وعمليات بيع محدودة.. وذلك في ظل عقد الباعة آمال على باش تأخذ الحركية التجارية قريبا وتيرتها المعهودة في الأيام التي تسبق شهر الصيام.
وهو ما عبر عن التطلع إليه أيضا رشيد (م)، بائع تمور، وهو يرتب سلعته في انتظار “الزبون الموعود”.
وكال، في تصريح لـ”كود”، “الوقت باقة ناعسة شوية والإقبال ضعيف”، ولكن “كنتأملوا تتحرك الوقت أكثر كلما قرب رمضان”.
وأضاف “الخير موجود والسلعة على الأنواع.. دابا كل واحد غادي على حساب جيبو ونشوفو كيفاش غادي يكون الرواج فالأيام لي جاية”.
الهم الذي يحمله التجار بخصوص ترويج سلعتهم، يقابله هم آخر عند الزبون.. هم توفير باش غيشري ما يؤثث به مائدة الأسرة التي يعيلها في شهر الصيام.
وحميد، موظف وأب لطفلين، واحد من لي راكبهم هاد الهم مزيان هاد الأيام، والذي التقته “كود” في سوق المعاريف، حيث لم يختلف ركود عمليات التسوق عن فضاءات أخرى شملت جولتنا.
فبحسرة، أكد أنه شحال من حاجة ما يقدرش يوفرها هاد العام للدار، بعدما دكدك التضخم وارتفاع الأسعار ميزانيته وأتى على كل ما تبقى من مدخراته.
وأضاف، في تصريح لـ “كود”، “القضية مزيرة ومكاينش باش تقدي هاد رمضان بحال رمضان السنوات الماضية.. تهرسنا ماديا، ودابا كنشوف شناهو لي نقدر عليه وشناهو لي منقدرش عليه ولي لائحتو فرمضان هاد العام غتكون موسعة”.
و”أكثر سيناريو مرعب فبالي دابا”، يضيف حميد، “هو تأخذ الأسعار منحى صاروخي فشهر الصيام.. فهاد الحالة غيكون التأثير كبير على المعيشة ديالنا”، وزاد مفسرا “راه المضاربين والوسطاء كيزيدو يكرفسونا”.
إجراءات حكومية
خدات الحكومة عدة إجراءات تحضيرا لحلول رمضان، وقد شكلت موضوع اجتماع عقداتو، أخيرا، اللجنة الوزارية المشتركة لليقظة وتتبع تموين الأسواق والأسعار، بمقر وزارة الداخلية.
وحسب بلاغ وزارة الداخلية، فإن هذا الاجتماع الموسع للجنة الوزارية كيجي للوقوف على وضعية تموين الأسواق والأسعار تحضيرا لحلول شهر رمضان المبارك، ولتقييم حصيلة أنشطة المراقبة ومن أجل تعزيز عمليات ضبط الأسواق والتصدي الصارم لكافة أشكال المضاربة والتلاعب بالأسعار ومختلف الممارسات غير المشروعة التي من شأنها الإخلال بالسير العادي للأسواق والإضرار بصحة وسلامة المواطنين وبحقوق المستهلكين وبقدرتهم الشرائية.
وفي هذا السياق، تم التأكيد على اليقظة والتتبع واستمرار التعبئة من قبل جميع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين ومختلف القطاعات والمصالح وهيئات المراقبة المعنية، لضمان استمرار التموين المنتظم للأسواق والتحكم في التغيرات المتعلقة بالأسعار والعمل المستمر من أجل مراقبة وضبط الأسواق وتحسين نجاعة منظومة الإنتاج والتوزيع والتسويق ودعم القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على سلامتهم وصحتهم.
وبهذا الخصوص، تم توجيه التعليمات لجميع المتدخلين وعلى رأسهم الولاة والعمال من أجل العمل والحرص على مواصلة وتعزيز إجراءات التنسيق واليقظة وتعبئة كافة السلطات والإدارات والهيئات المعنية واتخاذ ما يلزم من تدابير بهدف التموين الكافي والمنتظم للأسواق بمختلف عمالات وأقاليم المملكة ورصد أي اختلال محتمل في التموين وفي مسالك التوزيع ومواجهته بالنجاعة والسرعة المطلوبتين.