ورغم أن زوجته ذاقت الأمرين معه بسبب تناولهالكوكايين، وعدم وفائه بوعوده القاضية بالإقلاع عن هذا الإدمان، إلا أن مارادوناعاهدها هذه المرة بأنه سيفي بوعوده، لأن نزلاء هذه المصحة أخطر من الكوكايين: «أرجوك -يتوسل مارادونا لزوجته- إفعلي المستحيل لأخرج. فالغريب أن أحد المرضى هنايدعي أنه البابا، لكن الأغرب هو أن باقي المرضى يصدقونه. والغريب أيضا هو أن مريضاآخر يدعي أنه المسيح، والمرضى يصدقونه كذلك. ولما قلت لهم بأني مارادونا بدأوايستهزئون مني، و لم يصدقوني
!!»
هذا الوضع ينطبق بامتياز على الحاج الجيلالي رغيبالساكن بدرب الفوارات، الزنقة 10 الرقم 6 الحي المحمدي- الدار البيضاء، الذي تطاردهإدارة الضرائب بأداء 83 مليون سنتيم كديون مستحقة لفائدة الخزينة العامة، علما أنذمته بريئة، وتسلمت الدولة مستحقاتها، ومع ذلك مازال سيف الحجز على عقاراته مسلطا،ومازالت إدارة نورالدين بنسودة تلاحقه بأصل الدين وبفوائده وبغرامات التأخير منذعام
2006!
فحينما يكون الحاج رغيب في مجمع حميمي ينصت إلى حماس الأصدقاء حولالتزام الدولة بإصلاح القضاء يصدقون ذلك، ولما يصغي باهتمام إلى الكيفية التي يتلقىبها محيطه الخطاب الرسمي القائم على «الحكامة الرشيدة» و«بأن الإدارة في خدمةالمواطن» يصدق الناس هذا الخطاب، لكن لما يبسط أمامهم حالته ويسرد مأساته بالحجةوالدليل يتعرض للتنكيل و«التجرجير» و«سير وآجي» بين الإدارات والأبناك والمحاكم،ولا يصدقه أي أحد. (أنظر تفاصيل مأساة رغيب في ص 5.
ففي عام 2002 وقع نزاع بينرغيب وإدارة الضرائب حول تأويل نص قانوني، وهو من النزاعات العادية التي تعرفهاالحياة الإدارية كل يوم. ولما وقع الصلح، وأبدى المتضرر استعداده لأداء كل ما بذمتهتجاه إدارة الضرائب واستخلصت هذه الأخيرة مستحقاتها وزيادة (حوالي 49 مليون سحبت منالبنك عام 2006)، إذا بالمعني بالأمر يفاجأ بحجز على عقاره وملاحقته في الآن نفسهبأداء الدين والفوائد (83 مليون سنتيم)! وحين يذهب إلى إدارة الضرائب يقولون لهبأنهم لم يتوصلوا بالمال، ولما يذهب إلى البنك يشهرون أمامه الوثائق بكون المالالموجود في حسابه طبقت في حقه مسطرة الحجز عام 2006 لصالح إدارة الضرائب. وحينيتوجه إلى المحكمة لرفع الحجز عن عقاره، يقولون له: عقارك تحفظت عليه وزارةالمالية
.
الحاج رغيب البالغ من العمر 73 سنة، والذي يتطلع للقاء ربه، لم يعد«يطمع» في «وسخ الدنيا»، بل يريد قبل أن يتوفاه الله أن يتلقى جوابا عن سؤال واحد،ألا وهو: «من المسؤول عن هذا «التسخسيخ»؟ هل تريد الدولة أن يذهب الحاج رغيب إلىالبنك مصحوبا برشاش ليسترد 49 مليون المحجوزة؟ أم يتوجه صوب إدارة الضرائب مصحوبابـ «بوديزة» من البنزين ليصبه على جسده ويشعل فيه النار عسى أن تستكمل قباضة تيطمليل الإجراءات المسطرية المجمدة منذ عام 2006؟ أم يقصد المحكمة مصحوبا بـ «منشارولقاط» ليحرر عقاره المحكوم بمقتضى حجز تحفظي ظالم؟»
إنه مجرد سؤال إلى الساهرينعلى آلة إنتاج «الهضرة» حول «الحكامة الرشيدة» و«كون المسؤولين ينصتون لمظلوميةالمواطنين».
لكن إذا كان مارادونا لم يصدقه نزلاء المصحة لأنهم مجانين، فأي عذرسنلتمسه للمسؤولين الذين لا يصدقون مأساة الحاج رغيب ومآسي الآلاف من المغاربةالذين يعانون يوميا مع الإدارة في صمت!؟
افتتاحية العدد 429
الخميس 12 ماي