محمود الركيبي -كود- العيون //

علنات وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أن الحكومة الموريتانية أعطت موافقتها بخصوص تعيين أمين صيد سفيرا فوق العادة ومفوضا للجزائر لدى نواكشوط، خلفا للسفير السابق محمد بن عتو الذي تمت إقالته من منصبه.

ويأتي هذا التعيين في سياق أزمة صامتة تخيم على العلاقات بين الجزائر وموريتانيا، وذلك على خلفية استياء الجزائر من التقارب اللافت بين نواكشوط والرباط، خاصة بعد الزيارة الخاصة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب شهر دجنبر الماضي، والتي استقبل خلالها من طرف الملك محمد السادس.

وهو اللقاء الذي أعرب خلاله قائدا البلدين عن تثمينهما للتطور الإيجابي الذي تعرفه الشراكة المغربية الموريتانية في جميع المجالات، كما أكدا حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

وقد حظيت هذه الزيارة الهامة بترحيب واسع في الأوساط الموريتانية، حيث اعتُبرت مؤشرا على دخول البلدين نحو مرحلة جديدة من تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في مختلف المجالات، كما أثارت اهتماما إعلاميا نظرا للطابع الخاص للزيارة والمواضيع الاستراتيجية التي تم التطرق إليها خلال اللقاء.

ويشكل التقارب المغربي الموريتاني المتسارع، مصدر قلق للجزائر، خاصة مع نجاح المغرب في تعزيز مكانته كشريك اقتصادي وسياسي أساسي لموريتانيا، وهو ما تعتبره الجزائر تهديدا لنفوذها ومصالحها بالمنطقة، كما تخشى من أن يكون هذا التقارب بين المغرب وموريتانيا تمهيدا لتحول استراتيجي في تعاطي نواكشوط مع ملف نزاع الصحراء، والخروج من مربع الحياد، وتبني مواقف أقرب إلى دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، خاصة بعد الحديث الأخير عن قرب فتح معبر جديد يربط بين مدينة السمارة وبير أم كرين شمال موريتانيا، والذي دفع القيادي في جبهة البوليساريو البشير مصطفى السيد إلى تهديد نواكشوط من أن الانخراط في هذا المشروع سيورطها في حرب ثانية مع البوليساريو.

ويبقى تعيين سفير جزائري جديد بموريتانيا جزءاً من محاولات الجزائر لتعزيز نفوذها المتآكل في المنطقة، خاصة مع تصاعد عزلة دبلوماسيتها الإقليمية والدولية، وتدهور علاقاتها مع دول الساحل المجاورة لها، فهذا البلد الذي لطالما راهن على نفوذه بالمنطقة، يجد نفسه الآن أمام واقع جديد تفرضه الدينامية المغربية القوية التي تعزز مكانتها كشريك استراتيجي لنواكشوط ودول المنطقة في مشاريع اقتصادية وتنموية كبرى، خاصة مع انكشاف محدودية خيارات الجزائر الديبلوماسية وتراجع نفوذها، وعجزها عن تقديم بدائل تنموية حقيقية لنواكشوط أو لعب دور إيجابي في تنمية واستقرار المنطقة، في مقابل النجاحات الكبيرة التي يحققها المغرب في هذا المجال.