حميد زيد – كود ///

علينا أن نتأمل جيدا حالة وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

علينا أن ننتبه لما يقوم به.

فهو يكذب كل المبادىء. وكل القواعد التي تقوم عليها السياسة. ويقوم لوحده بإصلاحات كانت تحتاج في وقت سابق إلى أحزاب قوية.

وإلى مجتمع مدني منظم.

وإلى إرادة سياسية من الدولة.

وإلى إعلام يسند المشروع الإصلاحي.

وإلى نخبة مثقفة. وإلى مفكرين. وإلى رأي يدعمه.

وإلى شارع.

وإلى وعي.

وإلى سياق عام يساعد على الإصلاح. وعلى التغيير.

لكن عبد اللطيف وهبي لم يكن في حاجة إلى أي شيء من هذا.

وحتى الحزب الذي ينتمي لفظه.

ولم يعد راغبا فيه.

و كلما تأملنا هذا الرجل جيدا. وموقعه. وما يصرح به. وما يقترحه من إصلاحات. نكتشف كم هو عبثي الواقع السياسي في المغرب.

ولا يحتاج إلى “تدافع”.

ولا إلى صراع. ولا إلى يسار. ولا إلى يمين. ولا إلى قوة ضاغطة. ولا إلى سلط مضادة. ولا إلى رأي. ولا إلى شعب. ولا إلى وعي. ولا إلى حداثة. ولا إلى محافظة.

ولا إلى صحافة.

ولا إلا تنوير. ولا إلى عكسه.

ولا إلى تداول على السلطة.

و يكفي أن تأتي. في فترة هادئة. وفارغة. من تاريخ المغرب. بشخص اسمه عبد اللطيف وهبي.

ليلعب كل الأدوار لوحده.

بلا حزب.

ولا سند. ولا قواعد. ولا شبيبة. ولا خطاب سياسي. ولا أي شيء.

وحتى في الوقت الذي يتعرض فيه للانتقاد.

فإن المواجهة تكون فردية.

وواحد ضد واحد.

وعبد اللطيف وهبي ضد عبد الإله بنكيران.

بينما لا حضور لحزب العدالة والتنمية. ولا لحزب الأصالة والمعاصرة. ولا للأغلبية الحكومية. ولا للمعارضة.

ولا لأي خطاب.

ولا شيء في المغرب تشعر بأنه جدي وصادق ومنسجم.

أما بلاغ الشيطان الذي أصدره حزب العدالة والتنمية.

فقد كان بلغة. و بلسان بنكيران. ولا يعكس أي صراع.

ولا يعكس أي تناقض.

ولا أي انقسام في المجتمع.

ولا يمكن أخذه على محمل الجد.

و ما كان يقسم المغاربة. و ينتهي بمسيرة في الرباط. وأخرى في الدار البيضاء. و بتجييش للجمهور. صار اليوم يحدث في صمت.

و بين خصمين “لا أحزاب” لهما.

وبلا شارع.

وبلا تعبئة.

وما احتاجه عبد اللطيف وهبي هو أن يأتي فقط بأبي حفص.

ولا شيء أكثر.

هذا كل ما احتاجه. ورأيناه بأم أعيننا. وكان بإمكاننا التعليق عليه.

أما الأشياء الأخرى التي لا نراها. فمن الصعب تخيلها.ولا التعليق عليها. ولا ادعاء معرفتها.

في مغرب جديد يحدث فيه التغيير بصمت.

ودون جلبة.

ومهما حاول البعض أن يخلق جدلا. وأن يحدث نقاشا. وأن يصطف. فكما لو أنه يصرخ في البرية.

فالرأي في المغرب لم يعد في حاجة إلى من يتبناه.

ولا إلى من يدافع عنه.

ولم يعد من الممكن التعامل مع أي شيء بمنطق التأثير.

وقد يخلد التاريخ اسم عبد اللطيف وهبي.

و كما ارتبط اسم سيمون فايل في فرنسا بالحق في الإجهاض.

فقد يقترن اسم وزير العدل الحالي بإصلاحات عديدة. ومهمة. لم يجرؤ أحد قبله على القيام بها.

و هنا ذروة العبثية السياسية المغربية.

وكل هذا دون عائلة سياسية

ودون ضجة

وبأحزاب كثيرة تتفرج في ما يقع

ولا أحد يطلب منها أن تلعب أي دور.

ولا أحد يطلب منها أن تكون مع أو ضد.

ولا أحد يبدي حاجته إليها

ووحده وهبي يفي بالغرض

و يقترح

وينفذ

ويهيء المشاريع

ويتحدث عن الشيطان وعن نفقة المرأة ونفقة الرجل.

وعن الفنادق. وعن عقد الزواج

وعن الحرية

كما لو أنه يقوم بكل هذا من تلقاء نفسه.

وعندما يستفز جهة أو توجها ما

فإنهم لا يعرفون من هذا التيار الذي عليهم مواجهته والهجوم عليه

والاحتجاج عليه

ولا يجدون أمامهم سوى عبد اللطيف وهبي

فيستسلمون

ويغلبهم الواقع السياسي المغربي بعبثيته

و بعدم خضوعه لأي منطق.

ويقتنعون بأن الذي اختار وهبي في البداية

وعول عليه

هو عبقري

ويستثمر ببراعة في العبث. وفي الفراغ.

وقد وضع الرجل المناسب. في المكان المناسب. وفي الوقت المناسب.