حميد زيد – كود//

ليس من حق الحداثي أن يتحدث عن الكبش.

ليس من حقه أن يدعو المغربي إلى الاكتفاء بشراء اللحم والدوارة.

وهذا الكلام ليس موجها إلى زميلتي سهام البارودي وحدها. بل إلى كل الذين يرددون مثل هذا الخطاب.

في موقع كود. وخارجه.

لذلك اصمتوا أيها الحداثيون. واتركوا المغربي وشأنه.

ولا تبدوا تعاطفا معه.

ولا تتظاهروا أنكم تشفقون عليه.

ولا تتحدثوا عن معاناته. وعن اضطراره إلى الاقتراض. وإلى أن يشخذ. من أجل الحصول على خروف.

و أقول لكم  هذا ليس شأنكم.

أقول لكم: لا دخل لكم في هذا الموضوع.

ولن يسمعكم المغربي. ولن يقتنع بكلامهم. ولن يغترب. ولن يكفر.

ومهما حصل فإننا سنشتري الخروف.

ومهما ارتفع ثمنه فلن نتنازل عنه.

ولن تنطلي علينا الحيلة.

لأننا نعرف معرفة جيدة  أن الحداثي لم يتخل عن الكبش عن قناعة.

ولا يتحدث عن الاكتفاء باللحم وبالدوارة لأنه متحضر.

ولا لأنه عقلاني.

لا. ليس لهذه الأسباب. كما يحاول أن يوهمنا الحداثي.

بل لأنه سيسافر إلى إسبانيا. أو إلى فرنسا. أو إلى تركيا. بعد عيد الأضحى مباشرة.

وهناك سيعيد.

وهناك سيحتفل بكل الأعياد النصرانية والوثنية.

بعيدا عن ما يراه عطانة. وتخلفا.

وبعيدا عن ما يعتبره إبادة لحيوان مسالم. ومجزرة. وإراقة للدماء.

لذلك أدعوك أن تتوقف أيها الحداثي.

فالمغربي يكفر ولا يتخلى عن خروفه.

لذلك كُفَّ عن إغاظة المغربي. لأنه ليس مغفلا كي يتخلى عن أجمل وألذ عيد في كل الأديان.

ويعلم المغربي الرافض لصيغة اللحم والدوارة المقترحة أن الحداثي يخفي بخطابه هذا بورجوازيا صغيرا. ومستلبا.

ويخبئه.

ولا يظهره لنا.

وهو الذي يجعله يردد مثل هذا الكلام.

وهو الذي يجعله ينصحنا بشراء كيلوغرامات من اللحم.

ودوارة.

بينما المغربي يريد أن يذبح.

بينما المغربي يريد خروفا حيا.

يريد أن يلصق المرارة في الجدار.

يريد أن يحتفظ بالذيل.

بينما المغربي وبكل توجهاته يؤمن إيمانا عميقا بالعيد الكبير.

ولذلك رفع من شأنه.

وجعله أكبر من كل الأعياد الأخرى.

جعله عيد الأعياد.

وسماه كبيرا.

بينما ليس للمغربي سوى الخروف كي يحتفل. وكي يفرح. وكي يضرم النار.

وكي يشوط الرأس.

وكي يتلطخ بالدم.

وكي يضحي.

وليس من الحداثة في شيء حرمانه من كل هذه الأشياء،

كما أن الخروف هو كل ما نملك أيها الحداثي.

وننتظره مرة في السنة.

ويعيش المغربي. ويتفاءل. لأن عيد الأضحى قادم.

وبه نتجدد.

وبه نتشبث بالحياة.

لكن. وبجرأة غير مفهومة. يحاول الحداثي التدخل.

ويروج لشراء اللحم من الجزار.

وينتقد هذه الجو الاحتفالي الرائع.

و يريد منا أن نحزن.

وأن نتهاوش.

وأن نحرم أنفسنا.

من أجل موجة تبرجز عابرة.

ومن أجل إغراءات استهلاكية وإعلانات للحجز في الفنادق.

ثم. وبعد أن يعود  هذا الحداثي من عطلته. ينسى كل مواقفه. ويطالب بحصته من القَدّيد.

ويتصل بالوالدة. أو بالأقارب. مستعطفا. ذليلا.

حاضرا ليلتهم ما تبقى من الخروف.

وقد حاول كثيرون في الماضي أن يقنعوا المغاربة بالتخلي عن شرائه.

لكن المغربي لم يتنازل. ولم يقتنع.

ولم يرضخ حتى للحسن الثاني

فما بالك والأمر بتعلق بدعوة من بعض الحداثيين

الذين يستكثرون على المغربي

أن يكون له كبش كامل. بكراعه. ومصارينه. وأحشائه. ودمه. ورأسه. وقرنيه. وصوفه.

ويرغبون في اختزاله.

وينظّرون إلى التخفف من لحمه. وشحمه.

في نوع من المينيمالية.  لا تناسب ثقافة مغربية تحتفي بالزائد. وتقدمه للشمس.

كي تجففه.

ورغم كل هذا التعالي من الحداثي.

ورغم دعوته إلى اجتثات الخروف. فإنه لم يقدم لنا بديلا مقنعا.

ولم يعلن عن نواياه الحقيقية.

وعن ما يدفعه إلى ترويج مثل هذا الخطاب.

الذي يدعي فيه ارتباطه بالمغربي وبهمومه

بينما هو في الحقيقة منفصل عنه. ومسافر. ومستفيد من لحمه حين عودته.

غير مقدر لأهمية هذه المناسبة.

وخطورتها.

إلا إذا كان دعاة اللحم والدوارة مستعدين للتضحية

وانتظار أن يفديهم الله بكبش عظيم. أبيض أقرن أعين. له ثغاء.

وهذا أمر جد مستبعد.

ولن يقبله أي مغربي مهما بلغت درجة إيمانه.

ولن يترك كبشا سرديا

كي يعيد بحداثي مستلب. يتشهى بولفاف. متاظهرا بقدرته على التخلي عنه.