اعدها ل”كود” الاستاذ الباحث عبد اللطيف اگنوش ////

نحاول الآن الإجابة على هاذ الأسئلة للي يمكن من خلالها نرسم معالم الشرعية السياسية للماليك المغربي في علاقتها مع مسلسل إنتاجها، ومسلسل توزيعها، ومن خلال نظام المكافآت للي كايضمن ولاء شبكة الموزعين ديالها على المحكومين…

ولكن قبل مانخوض في هاذ الأسئلة، كانشوف أنه من الواجب التذكير بأطروحات ديال بعض الباحثين للي التازمو بنوع من الحيطة والحذر، وقدر كبير من الموضوعية في تناول مسألة الشرعية السياسية للماليك المغربي…

من هاذ الباحثين، لابد ليا مانذكر الباحث “كليفورد كًيرتز” C. Geertz في كتابو “Islam Observed”…

هاذ الباحث كايأككد على أنه من الصحيح القول بللي الماليك المغربي عندو “صفات فوق العادة” للي استبطنوها المغاربة عبر التاريخ الطويل ديال العائلة العلوية…ولكن في نفس الوقت، كايأككد هاذ الباحث على أن “الشرعية السياسية ديال الماليك العلوي عرفات تاريخيا نوعا من التوثر بين المبدأ الإمامي للي كايأككد على حق السيطرة والسلطة هي مِلك للشخص الذاتي للماليك، وهنا لازم نتكللمو على الشرعية الذاتية أو الجوهرية للي كايملكها الماليك المغربي، وبين ما يسمى المبدأ التعاقدي للي بمقتضاه تتدخل الأمة باش تختار الماليك الأجدر والأصلح لممارسة هاذ السيطرة وهاذ السلطة، وهاذا يمكن لينا نسميوه الشرعية التعاقدية” !! بعبارة ساهلة، كايقول “كًيرتز” أن هناك توثر عبر تاريخ الشرعية الملكية في المغرب بين المبدأ الإمامي والمبدأ التعاقدي، بين الشرعية الجوهرية الذاتية ديال الماليك، والشرعية التعاقدية للي كاتتطلب تدخل الأمة، أو المجموعة البشرية للي كايحكمها الماليك…

وبالفعل، مللي كانرجعو للتاريخ المغربي، كانوجدو بللي سكان الجبال والبوادي كانو دائما كايفضضلو الاعتقاد بالشرعية الذاتية والجوهرية ديال السلطان المغربي، وكانو كايتعاملو معاه كأي ولي صالح وكأي شريف من ولاد النبي للي يمكن ليه يكون مصدر للبركة…وموازاة مع هاذا، كانو هاذ سكان الجبال والبوادي كايشوفو في المؤسسات للي كايحكم من خلالها الماليك، بحال المخزن وبحال الجيش، كمجرد مؤسسات زمنية للي فاقدة لأي شرعية وللي ماكاتستاحقش الخضوع والخنوع والطاعة !!

في مقابل سكان البوادي والجبال، كايضيف “كليفورد كًيرتز” أن “بورجوازية المدن” كانت دائما كاتتحففظ على ما يسمى “الشرعية الذاتية والجوهرية للماليك المغربي”، وكانت دائما كاتحاول توضح حدود “قانونية وملزمة” لسلطة الماليك، ونظرا لحاجتها للنظام والأمن، كانت دائما كاتناصر المخزن والجيش…بعبارة أخرى، أن “بورجوازية المدن” كان دائما الهاجس ديالها هو “الشرعية التعاقدية” وماشي “الشرعية الذاتية والجوهرية” ديال الماليك…يعني أن هاذ الفئة من المجتمع المغربي، كانت دائما كاتنظر للبيعة الشرعية على أنها “عقد قانوني” كيفما دافع عليها الأستاذ محمد لحبابي في نهاية خمسينات القرن الماضي محاولة منه لوضع حدود قانونية لسلطة الماليك المغربي، ولكن كيف ماكانعرفو أن المؤسسة الملكية  التاجآت للنخبة القروية ولسكان البوادي والجبال باش تحسم الصراع بينها وبين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية على السلطة لصالحها !!

ومادام أن المجتمعات الإنسانية، جميع المجتمعات، لا تقتات فقط من “الغيبيات”، فكانوجدو أن “جون واثربوري” صاحب كتاب “أمير المؤمنين” كايقول في نهاية السبعينات: “يمكن لينا نقولو بللي الملكية المغربية الآن كاتعرف مرحلة الانتقال من باتريمونيالية مبنية على أساس التقليد والشرعية نحو باتريمونيالية جديدة تعاقدية للي النخبة المحلية والمركزية المغربية كاتلعب في إطارها دور كبير في عملية المبادلات الضرورية لاستمرارية النظام الملكي المغربي” !

هاذ الطرح نفسو هو للي دافع عليه “Roth” مللي تناول هاذ التعريف الجديد ديال الباتريمونيالية الجديدة بمناسبة دراستو حول “الشركات الدولية العابرة للقارات”، حيث لاحظ أن “الهيمنة الشخصية المبنية على الولاءات ماكاتتطللبش شي اعتقاد في الصفات الفريدة المفترضة في الزعيم، بقدر ماهي مرهونة بالعلاوات والتشجشيعات المالية والرمزية والمكافآت المادية” !!

وتبعا لهاذ الملاحظة ديال Roth ، كايقول واثربوري بللي داخل هاذ اللعبة الزمنية ديال الباتريمونيالية الجديدة، يلاحظ نظافر مجهودين متكاملين، من جهة هناك ضرورة مراقبة مختلف قطاعات “نخبة الدولة”، وهاذي مهمة متروكة لوزارة الداخلية المغربية منذ الإجماع الوطني للي وقع من بعد المسيرة الخضراء، ومن جهة ثانية هناك ضرورة مراقبة وتحييد المجتمع المدني والجماهير الشعبية، وهاذي مهمة ملقاة على عاتق نفس وزارة الداخلية وعلى عاتق الطبقة السياسية المغربية بكل مشاربها الإيديولوجية !!

بعبارةى أخرى أن الطبقة السياسية، داخل عملية الشرعية ديال النظام السياسي، وظيفتها ودورها هو العمل على فرملة الجماهير الشعبية بقصد مراقبتها والحد من الإمكانيات الثورية ديال هاذ الجماهير على الوضع القائم، وذلك داخل منظومة فكرية وثقافية كانسمميوها “التقليدانية”…

على هاذ المستوى كانلاحظ بللي فقهاء القانون الدستوري وعلم السياسة في المغرب أفرغو مفهوم التقليدانية من كل معانيه التسخيرية والإيديولوجية، وقالو بللي التقليدانية هي مجرد عملية كايقوم بها المشرع الأعظم باستخدام تيكنولوجية دستورانية ذات أصل غربي بهدف تعيين وتثبيت القيم والمبادئ التقليدية في مجال الحكم والسلطة…في حين أن عالم الاجتماع عبد الكبير خطيبي كايقول بللي التقليدانية ماكاتعنيش أن الفقهاء للي وضعوم “رجال تقليديون”، لا..بل كاتعني أن هاذ الفقهاء والمنظرين كايآمنو بمذهب تقليداني نابع من روح “سلفية انتهازية هدفها الأساسي هو التستر على مصالح المجموعات المهيمنة داخل المجتمع المغربي” !!(أنظر مقاله في Libération ديال 4-7 مارس 1977)..

نفس الطرح كانوجدوه عند عبد الله العروي مللي كايقول لينا أن هاذ الإيمان بالتقليد قديم في المغرب بحيث كانوجدو الأصول ديالو في القرن الخامس عشر الميلادي مللي عرف المغرب أزمات اقتصادية خانقة وانفصام في العلاقات الأزلية للي كانت كاتربط بين المدن العالمة بحال فاس ومراكش وتلمسان والقيروان وغيرها، بحيث لأول مرة وجدات النخب الحضرية نفسها وجها لوجه مع ساكنة البوادي والجبال المقصية من مراحل التطور الفكري والثقافي للي عرفاتو المدن…بحيث أن النخبة الفكرية مالقات غير التقليد والنقل كلغة سهلة باش تتواصل مع ساكنة البوادي أولا لمحاولة إدماجها في النسيج السياسي والثقافي للبلاد، وثانيا لاتقاء شرها والدفاع عن النظام القائم !! وهاذا نفسو للي أدى بهاذ النخبة أنها تكون “نخبة انتهازية” مستعدة دوما لقلب تحالفاتها السياسية حسب مصالحا المادية والمعنوية، وخلاها تكون دائما مستعدة للتحالف من “يدفع أكثر” !!

وهاذا نفسو للي خلاني نقول شخصيا أن النخبة المغربية ماعممرها كانت “حركة وطنية” بقدر ماكانت مجرد حركة شوفينية محافظة ومعادية لكل عملية انعتاق سياسي ولكل عملية ديمقراطية !! وهاذا نفسو للي جعلني نتكلم على صفقات سياسية مسترسلة بين النظام والنخبة من أجل عرقلة التطور الديمقراطية للمجتمع، وهي الصفقات للي قررت أنني نتاولها في الحلقة القادمة إن شاء الله !!