الصيغة التوافقية التي اضطر المكتب السياسي للحزب إلى الخروج بها أمام ضغط أعضاء المجلس الوطني المطالبين بالانسحاب من الحكومة اليوم، ألزمت رفاق عبد الواحد الراضي بفتح حوار مع “حلفاء” الحزب أي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، يشرح مصدر “كود”، ثم شركاءه في الحكومة الحالية لإدخال مطلب الإصلاحات السياسية والدستورية ضمن برنامج هذه الحكومة ورفع مذكرة مشتركة بذلك إلى الملك محمد السادس، وإلا فإن الحزب سيجد نفسه مضطرا للانسحاب من الحكومة الحالية. واكتفى البيان، حسب مصدر “كود” بالتلميح إلى أن الاتحاد سيجد نفسه مضطرا للحسم في هذا الموضوع يوم 19 مارس المقبل موعد انعقاد الدورة القادمة من مجلسه الوطني. وطالب أغلبية أعضاء المجلس الوطني للحزب بقوة بالانسحاب من الحكومة الحالية وتنفيذ مقررات المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد. كما تضمن البيان الصادر عن المجلس الوطني، حسب مصدر آخر، مطالب بـ”تسطير برنامج وطني استعجالي لمحاربة الفساد”، وهو ما علق عليه المصدر قائلا “نؤكد بذلك أننا لسنا بصدد ترديد شعارات فقط”. إضافة إلى التعبير عن “اعتزاز الحزب بحركة 20 فبراير”، واعتبار أن ما جاء به المؤتمر الوطني الثامن من مطالبة بإصلاحات في أفق الملكية البرلمانية سنة 2008 “أصبح مطلبا شعبيا وليس فقط مطلب الحزب”. فضلا عن نوع من “النقد الذاتي” بخصوص “الردة التي حصلت سنة 2002 ومسؤولية الحزب فيها” يضيف مصدر لـ”كود”. مصادر “كود” أوضحت أن مسيرات 20 فبراير والتحولات الجارية في العالم العربي “أيقضت الضمير الاتحادي” و”خلخلت الاصطفافات القديمة لبعض الأطراف المرتبطين ببعض القياديين في الحزب”، وأن مطالب الانسحاب من الحكومة “جاءت تلقائية ولم تتحكم فيها أية خلفية سياسوية أو انتهازية أو أي أجندة من خارج الحزب”. موقف المجلس الوطني هذا يضرب في الصميم التوجه الذي عبر عنه عبد الواحد الراضي، صراحة، بعد انتخابه كاتبا أول للحزب حين قال في جريدة “الاتحاد الاشتراكي” إن مطلب الملكية البرلمانية “عبارة إنشائية” قبل أن يتدخل محمد الأشعري وعبد الهادي خيرات ليؤكدا أن الأمر لا يتعلق بـ”عبارة إنشائية”. فضلا عن تأكيد الراضي بعد انتخابات 2009 على ما معناه أن “مصلحة الاتحاد هي بقاؤه بالقرب من مركز القرار”. كما يضرب موقف المجلس الوطني ليوم أمس حسابات إدريس لشكر الذي دافع عن الانسحاب من الحكومة قبل أن يصبح جزءا منها بتعيينه السنة الماضية وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان، فضلا عن تطبيع علاقات الحزب مع “الوافد الجديد”. تجدر الإشارة إلى أن الاتحاديين فضلوا التصويت على دستور 1996، وهو الدستور الحالي، تصويتا “سياسيا” رغم أنه لا يترجم مطلبهم الأساسي بمنح سلطات أكبر للوزير الأول والحكومة والبرلمان، تعبيرا عن “حسن النوايا” و”طي لصفحة صراعات الماضي”، غير أن عبد الرحمان اليوسفي، الكاتب الأول للحزب آنذاك، عاد ليؤكد على هذا المطلب سنة 2003 معلنا فشل تجربة التناوب التوافقي. وفي سنة 2007 فضل عبد الواحد الراضي، نائب الكاتب الأول آنذاك، كما كشف امحمد الخليفة، القيادي الاستقلالي، رفع مذكرة مشتركة باسم الكتلة تتضمن مطالب بالإصلاح السياسي والدستوري إلى الملك محمد السادس.
