وهيأصوات مازالت رهينة «نظرية المؤامرة» التي أطرت علاقة جزء من النخب الحزبية بالدولةفي حقبة سنوات الرصاص، حيث كان كل ما يصدر عن الدولة يوسم بالحذر، وكل ما كان يقعفي المجتمع من مآس وفواجع سببه الدولة. وإذا كان من الطبيعي أن توجد مبررات لهذهالنظرية للعداوة التي كانت قائمة بين الدولة والمجتمع آنذاك، وبالتالي البحث عن أيمشجب لتعلق عليه إخفاقات هذا الطرف أو ذاك، فإن استمرار بعض نخبنا في تكرار نفسالأسطوانة في ظل التحولات الجارية اليوم داخليا ودوليا لا ينهض كمحفز يفتح شهيةالإصغاء إلى هذه الأطروحة، لسبب بسيط هو أن مغرب اليوم ليس هو مغرب سنوات الرصاص،والمحيط الدولي اليوم ليس هو المحيط الدولي بالأمس، والنضج الذي يتمتع به المغاربةاليوم لا يشبه «القفة التي كانت مقلوبة عليهم» في عهد القمع في سنوات الرصاص. فحينما اهتزت لندن لوقع التفجيرات الإرهابية عام 2005 لم نسمع أطرافا داخل المجتمعالبريطاني تقول إن التفجير من صنع حكومة طوني بلير لتقويض الإصلاح اللامركزيوالحيلولة دون منح الصلاحيات الواسعة لبرلمان سكوتلندا ومجلس لندن الكبير ومراجعةدور الدولة الراعية، وحينما فجر الإرهابيون قطارات مدريد عام 2004 لم تنهض أصواتداخل إسبانيا تتهم الحزب الشعبي أو الحزب الاشتراكي بفبركة الملف لصد اهتمام الرأيالعام الإسباني عن قضية توسيع الاختصاصات للحكومة المستقلة في كاتالونيا أو الباسك،ولما انفجرت توين سنتر في أمريكا عام 2001 لم تتردد أصوات في واشنطن للشك في أنحكومة بوش اختلقت العملية لصرف النظر عن الإصلاحات الاقتصادية لمواجهة عجزالميزانية الأميركية
.
إذا كان الأمر كذلك في هذه المجتمعات المتمدنة فما السببالذي يجعل بعض غلاة المعادين للمغرب الجديد يرددون أسطوانة المؤامرة؟ فالقاموس يميزبين الإصلاح والإرهاب، لأن الإصلاح إصلاح والإرهاب إرهاب. وعلينا أن نسمي الأشياءبمسمياتها، لسبب بسيط وهو أننا لن نجد مغربيا قحا واحدا يدافع عن الإرهاب أو يستعملسلاح الإرهاب لإرهاب المسلسل نحو الديمقراطية. ومن العار أن نجد بين ظهرانينا منيتسامح مع الإرهاب ونجد في صفوفنا من يحاول أن يدافع عن الإرهابيين بالبحث عن أيرابط بين الإرهاب والإصلاحات السياسية والدستورية. ويكفي للمتتبع اللبيب أن يقرأتصريحات مسؤولي الإليزي والانتربول والبيت الأبيض والأمم المتحدة ومسؤولي الدولالأخرى التي ينتمي إليها ضحايا التفجير الإرهابي بمراكش ليقف على حقيقة واحدة، وهيأن الإرهابيين لهم ملة واحدة وهي ضرب كل ما هو مشرق وكل ما هو متوهج.