خديجة شاكري- كود //
تتزايد المخاوف في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عموما من عودة محتملة لتنظيم “داعش” بفعل هشاشة الدولة المركزية في سوريا التي تؤوي كما يعتقد أنها خلايا نائمة قد تستغل الأوضاع الجديدة وتعود للظهور من جديد، خصوصا مع اتجه الأمور إلى مزيد من التشدد بعد إحكام هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية في معظم دول العالم سيطرتها على مفاصل السلطة في العاصمة السورية.
فبعد أقل شهرين من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، غرقت سوريا في حكم جماعات متشددة بقيادة أحمد الشرع، الذي وصل إلى السلطة بالقوة، بتنسيق إقليمي مع تركيا، لم تكن هناك انتخابات أو توافق سياسي، بل إقصاء للمعارضة، وحلّ لمؤسسات الدولة، وفرض نظام استبدادي يستنسخ أساليب الهيمنة الدينية المتشددة التي عرفتها إدلب سابقا تحت حكم هيئة تحرير الشام والذي كان أيضاً مفروضا بقوة السلاح والنار.
الحكومة الجديدة، التي تسيطر على دمشق، تضم وجوها ارتبطت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، جميع الوزراء ينتمون إلى نفس التيار الإسلامي المتطرف، ولهم تاريخ في المحاكم الشرعية القاسية والإعدامات العلنية، وهي مؤشرات تشي بطبيعة المرحلة القادمة حيث تبدو سوريا سائرة بوضوح على طريق أفغانستان، ملاذاً جاذباً للمتطرفيين والإرهابيين الواهمين بحلم الخلافة من أنحاء العالم.
تكتيكات مغايرة
وتحذر تقارير غربية من أن عناصر داعش وقادة التشكيلات التابعة لها والمقربة منها، قد تستلهم من تجربة هيئة تحرير الشام التي استطاعت الوصول إلى الحكم في سوريا إثر سقوط الأسد وبعد سنوات من حكم إدلب.
وسبق لقائد قوات سوريا الديمقراطية أن حذر من عودة خلايا داعش للظهور والسيطرة على بعض المناطق التي فقدت “قسد” السيطرة عليها، ليس فقط في الريف بل في بعض البلدان والمدن.
وتشير تقديرات إلى أن مقاتلي داعش المتواجدون في سوريا يتجاوز عددهم 1200 مقاتل ينشطون في ثلاث محافظات سورية هي دير الزور والحسكة وحمص والأرياف التابعة لها. كما تؤكد المعلومات أن التنظيم شن أكثر من 700 عملية فب سوريا خلال العام المنصرم وحده.
وتعمل الخلايا التابعة لتنظيم داعش بتكتيكات مغايرة لما كانت عليها في السابق، إذ لم تعد تعتمد على السيطرة الميدانية على المدن والبلدات الكبرى، بل تعمد من خلال وحدات صغيرة وذئاب منفردة تنفذ هجمات ضد أهداف متعددة.
وتشير تقارير غربية إلى أن خلايا داعش استطاعت الحصول على أسلحة وذخائر والاستيلاء على مخازن ومعدات عسكرية تم إخلاؤها بطريقة مفاجئة من طرف قوات نظام الأسد والميليشيات التي كانت تقاتل إلى جانبه. وتؤكد هذه التقارير أن التنظيم يعمل حالياً على إعادة تجهيز عناصره وتدريبها استعدادا لإعادة رص الصفوف والعودة للواجهة من جديد.
العائدون والخلايا
وتتزامن هذه التطورات مع الاستعدادات لتنفيذ خطة انسحاب قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة داعش من العراق.
ونقلت وكالة آسوشييتد برس عن جهات رسمية وقادة فصائل في العراق مطالبتها بعدم سحب التحالف لقواته مخافة أن يستغل عناصر داعش الفراغ الأمني الذي قد يخلفه انسحاب التحالف للعودة مجددا.
وفي منطقة شمال افريقيا، تزداد المخاوف من عودة مئات المقاتلين الدواعش ممن كانوا في سجون النظام السوري السابق. إذ تخشى السلطات التونسية من أن أكثر من ألف تونسي انضموا لتنظيم داعش طيلة أزيد من 10 سنوات، قد يبدأوا في العودة إلى البلاد حاملين معهم مشاريعهم المتشددة.
ويخشى أن تشكل ليبيا ممرا لهذه العناصر الإرهابية بحكم غياب الدولة المركزية ووجود خلايا وحواضن للمتطرفين المتوجهين إلى المغرب العربي ومنطقة الساحل الإفريقي.
وقبل أيام قليلة أعلنت السلطات المغربية، تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش كانت تخطط لشن هجمات في البلاد.
وهي الخلية الثانية التي يعلن المغرب تفكيكها في غضون أشهر، حيث سبق أن فكك خلية أكبر بالتعاون مع إسبانيا في نهاية شهر نوفمبر الماضي.
وتشير المعلومات إلى أن الخلية المفككة أخيرا كانت تخطط للهجوم، ومن ثم الالتحاق بعناصر وخلايا أخرى في منطقة الساحل.
وتظهر المعطيات الإحصائية إلى أن السلطات المغربية فككت أكثر من 40 خلية مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش في الساحل الإفريقي، كما رصدت التحاق 130 متطرفا مغربيا إلى ميادين القتال في الصومال ومنطقة الساحل منذ نهاية 2022.