ومن المحتمل جدا أن يتسلل ألباتشينو سرا إلى المغرب، قادما من صقلية، ويتوجه إلى مكتب حكيمة الحيطي، ويطلق طلقة من كاتم الصوت
حميد زيد كود ////
من شدة الضغط عليها سقطت الوزيرة حكيمة الحيطي في الفخ، وصارت مثل منتقديها ومهاجميها تستعمل لغة ثمانينيات القرن الماضي.
لقد أفزعوها بالمافيا الإيطالية، وها هي تراجع نفسها، وتعتقد أن ما يدعونه قد يكون صحيحا.
ولم تبق إلا الأولوية الحمراء، وكوزا نوسترا، وإرهاب اليسار، وإرهاب المافيا، حتى نقذف جميعا في الماضي.
ولم ينتبه أحد في قضية النفايات هذه أننا لم نقم بتحيين، ونتعامل مع إيطاليا اليوم، كأنها نفس إيطاليا القرن المنصرم، إلى درجة أن رجلا يبدو محترما اسمه طارق السباعي، اتهم الوزيرة، ودون أن يرف له جفن، بإبرام صفقة سرية مع المافيا في فندق فخم بروما.
والعجيب أن منا من يصدق هذا الكلام، ومنا من يردده بيقين منقطع النظير.
كما لو أننا خرجنا للتو من فيلم العراب، وكما لو أن مارلون بروندو وألباتشينو معنا، والمكان هو صقلية.
ولا أشك لحظة أن الخيال جميل، وموضوع المافيا مثير ومغر في السينما والأدب، وقد كتبت حوله روائع وصورت أفلام، لكن أن يعوض الخيال الواقع، فهذا يسمى مرضا.
ولتكتمل الفرجة، وإمعانا في الخيال فواجبنا اليوم، هو أن نحمي وزيرتنا من انتقام كوزا نوسترا.
وكما في الروايات التي من هذا النوع، فحكيمة الحيطي، وبعد أن أبرمت صفقتها السرية، وانكشف أمرها، فهي الآن مهددة، والمافيا الإيطالية تتربص بها، وتسعى إلى التخلص منها، كي لا تعترف، وتكشف الأسماء، ومن المحتمل جدا أن يتسلل ألباتشينو سرا إلى المغرب، ويتوجه إلى مكتب الوزيرة، ويطلق طلقة من كاتم الصوت.
أليس كذلك يا طارق السباعي؟!
ولأن يسارنا يشبه اليسار الإيطالي في كثير من الأشياء، فهو اليوم يقدم الدعم لنا، ويكشف أسرار الصفقة، ويظهر الشيوعيون، وتظهر الألوية الحمراء، التي لن تتأخر في الانتقام لكرامة المغرب، وقريبا سنسمع عن عملية بطولية في روما أو ميلانو.
أليس كذلك يا شارلوكات هولز المغرب، الذين توصلوا إلى تورط المافيا في العملية.
والمضحك والمحاكاة الساخرة، هو أن محمد زيان وطارق السباعي هم محامو الشعب وهم المدافعون عنه، وهم يسار 2016 في المغرب الجديد.
وقبل أن يتخلص العراب الإيطالي من حكيمة الحيطي، يجمع المغاربة على محاكمتها في محاكم المملكة، ويدعو طارق السباعي إلى إعدامها، أما محمد زيان فيطالب بتطبيق قانون الإرهاب عليها وعلى الحكومة، ولا يتردد بعض الصحفيين وكتاب الرأي في الدعوة إلى إقالتها، وبوقاحة لا يمكن تخيلها، يحتجون على اعتنائها بجمالها، كأن اعتناء سيدة بنفسها يعتبر جريمة في نظرهم.
ولأن نظرية المؤامرة رائجة هذه الأيام، ولأن كثيرين يتحدثون عن المافيا الإيطالية، ولأن الجو مشحون، ولأن المغرب صار يمشي على رأسه، وصار محمد زيان مدافعا عن البيئة وعن صحة المغاربة، ويسعى إلى أن يسجن الحكومة كاملة، بعد أن كان متخصصا في سجن المعارضة أيام القمع، ولأننا لم نحين معلوماتنا بعد، ولأننا نعيش في القرن الماضي، ومنا من يحن إلى الألوية الحمراء، ويتفرج في الأفلام كأنها الواقع، فإني أنا أيضا أرجح فرضية وجود مافيا داخلية، ومغربية خالصة، وهي التي خططت لهذه الحملة على الوزيرة، دون سواها، وأن الجميع متواطىء في ذلك، حكومة ومعارضة، وأن ما يحدث، هو في حقيقة الأمر، صراع بين كوزا نوسترا، ومافيا مغربية منافسة، متغلغلة في الأحزاب والصحافة، وضحية هذا الصراع هي الوزيرة حكيمة الحيطي، والتي من فرط هلعها، والإجماع على مهاجمتها، صارت المسكينة تصدق فعلا أنها عقدت صفقة سرية مع المافيا، وصارت تظن أن شخصا مثل طارق السباعي يتوفر على كل المعلومات، وعلى صور لها في الفندق الفخم، وعلى اتصال بالقضاة الإيطاليين أصحاب الأيدي البيضاء، وإلا لما اتهمها بذلك، ولما بعث رسالة إلى الملك حول هذا الموضوع.