حميد زيد – كود//

اشترِ أربعة مني واربح خامسا.
ماذا أقول.
منتصف الزوال الآن. وأشعر أني انتهيت. ولساني يتلعثم. وعلي أن أكتب مقالا.
ما هذه المهنة يا الله.
حتى وأنت غير قادر على أن تكتب. فإنه من الواجب عليك. أن.
من يكمل هذه الجملة. النجدة. النجدة. لساني يلتف حول رقبتني.
بينما الجوع يلوث دماغي ويجعلني سرياليا. الجوع خلاق. ولا أكبل عقلي. وأمهد له الطريق. طريق العطش الفاقدة لصبرها. والطريقة اللاهثة.  وأكتب الآن بحرية. وأكتب كما يتحدث أي مدخن مدمن صائم.
يدي تذهب إلى السيجارة. لا يا حمارة. توقفي يا سيجارة. أنا صائم.
وتقف أمامي. وتتغنج. وتسبل لي عينيها. وتروادني عن نفسي فأستعصم.
لا. لا.
علي أن أنام. وإلا غلبني الشيطان.
ويأتي الشيطان ومعه ولاعة. لعنك الله. لعنك الله. ولن.
وأثناء ذلك يزحف نمل أزرق تحت جلدي. واسمع دبيبه في دمي. ويلسعني.  ويتقدم. من يدي. إلى ذراعي. ويقرصني في حنجرتي. ويعجب منظرها النمل. وتتقافز النملات فوق لهاتي. ثم يتزحلقن داخل رجلي. ويدغدغن ركبتي. ويصفرن في رأس. من يشرح لي. وهل هذا هو الإدمان.
وغدا حين أستيقظ. سوف أكتب. في السنة القادمة. في القرون الماضية. عذرا موقع كود. أنا الآن ميت. أنا غير موجود. ورمضان كريم. يا لها من تجربة أن أصوم رمضان.
وأشك في أي مدخن يشتغل في رمضان.
ولا شك أنه كافر. وكذاب. وسوف تفضحه الرائحة. وسوف يعذبه الله.
أين أذان المغرب. أين دوري الأحياء. في ملعب “الضاية”. أين طفولتي. أين كاسيت فيديو أحمد ديدات حين أسقط بالضربة القاضية عشرة مسيحيين.
أين المرق.
أين حوار مع صديقي الملحد.
ما هذا يا إلهي. أين أنا.
وتتبعني علبة كاميل. وأفر منها. فيخرج منها عشرون جنديا مسلحا. وتأمرهم بالقبض علي.
لكني أهرب بعيدا. يا الله أنقذني.
وكل جندي كان عبارة عن سيجارة. بخوذات صفراء. كانت تبدو لي في الماضي فلترات.
فيشتعل الجندي. ورغما عني أتبع رائحته. ويحدث كر وفر. فتهرب مني السجائر العشرون. وألاحقها.
ماذا أكتب لك أيها القارىء. وهل ضروري أن أفعل ذلك. وهل واجب علي أن أرضيك. وهل. ماذا. غدا. لا. وهل تريدني أن أشعلها. وهل يرضيك أن أذهب ءلى جهنم. لا. لا. لن أذهب. أنا صائم.
لكن تعالوا نتصالح.
اشتر أربعة حميد زيد واحصل على خامس مجانا.
اشتر لترين مني بثمن واحد.
عبئني. اشربني. هيا نلعب ضامة. هيا نلعب الرامي. أين المؤذن. هيا نتشاجر في السوق.
بكم السردين.
شخص قتله ميزان. هذه ليست بطبوطة. أين الشحمة في الخبز. أين مقالك لهذا اليوم. هذا ليس رأيا.
يارب. ما هذه الكوابيس. أنا الآن عالق في قبضة المجوس. ويشعلون سيجارة. ويأمرونني أن أدخن.
لا.
لا.
أنا صائم. أنا لست هو. هذا عصر آخر. هذا عصر عودة الدين. هذه صحوتي.  ولن أدخن. لكن سيجارة لئيمة كانت ترقص أمامي. وكانت فاتنة وشقراء. وكان هدفها الإيقاع بي. فمن أرسلها. ومن يسعى إلى أن يخاصمني مع عصري.
ثم سمعت طرقا. وبحذائي ضغطت على السيجارة إلى أن أرديتها قتيلة.
أينك يا جمال البنا. أنقذني. ماذا قلت يا شقيق حسن. التدخين مباح مع الصيام. هل سمعتم.
لكن السيجارة الشقراء استمرت في استفزازها.
وأنا هارب.
وتشتعل في وجهي.
وتستلقي السيجارة وتأتيها صاحبتها بالولاعة. ويدخنان. ويتعريان. ويزعزان عقيدتي.
خذ حميد زيد في رمضان. وسوف أمنحك ما تريد. خذه وتخلص من. ولك جائزة. خذه بعيدا عن الأنظار. ولا يمكنك إلا أن تشفق علية. ولو كان عدوا لك. خذه. ونل حسنة. بعه لأي مغفل.
وفجأة. وجدتني أتصبب عرقا. وأسمع أصوات ضاجة من حولي. والتلفزيون كان يصرخ. وأسرتي تحاول أن تنتشلني من قاع بحر الحريرة. وتنقذني من كابوسي.
فاشتروا حميد زيد. بل خذوه بالمجان. إنه لا يصلح لشيء في رمضان.
اشتروا أربعة منه واحصلوا على خامس.
لكننا لا نريده. الشعب لا يريده.
خلوه يروب
خلوه يجرب كيف يكتب مقالا خاليا من النيكوتين.
خلوه يبحث عن قراء
خلوه يصرخ لوحده.  خلوه يتعذب.ولا تمنحوه سيجارة.