حميد زيد – كود//

كل مستحيل هو ممكن في أمريكا.

وفي هذه البلاد التي يمكن فيها للإنسان أن ينتظر نزول سكان الفضاء.

ويدعي أنه رأى صحنا طائرا.

و رأى كائنات فضائية تمر قرب منزله في الليل.

وكل هذا في برامج تلفزيونية في قنوات محترمة.

وبتقديم من صحافيين يبدو عليهم أنهم عقلاء ومهنيون.

فإنه لا يمكن في نفس هذه البلاد للإنسان أن يكون اشتراكيا ويصل إلى السلطة.

ومع ذلك. ها هو اشتراكي ديمقراطي. وعلى يسار الحزب الديمقراطي يفعلها.

وليس هذا فحسب.

بل هو مسلم. و مدافع عن فلسطين. وفي الآن نفسه. له شعبية عند نسبة من الشباب اليهودي في نيويورك.

وله مواقف واضحة ولا لبس فيها لمحاربة معاداة السامية.

ولمناهضة العنصرية.

و الحملة اليمينية ضد المهاجرين.

ورغم كل محاولات شيطنة الشاب زهران ممداني.

من طرف الرئيس دونالد ترامب.

ومن طرف بعض الحرس القديم في الحزب الديمقراطي.

فقد استطاع الفوز في الانتخابات ليصبح أصغر رئيس لبلدية نيويورك في التاريخ.

فمن كان يتخيل أن يقع هذا في الولايات المتحدة الأمريكية.

التي تعتبر فيها كلمة اشتراكية تهمة.

و خطا أمر.

واليسار في أمريكا هو أن تكون ليبراليا.

ولا شيء أكثر من هذا.

و إذا أراد يميني محافظ أن يخيف أحدا من شخص. ويجعله يتجنبه. فإنه يقول له احذر منه. إنه اشتراكي. أو شيوعي.

ومع الوقت.

صار الاشتراكي في أمريكا مثل الوحش.

يمكنك أن تخيف به المجتمع.

وتضعه كفزاعة في حقل السياسة.

وكم من فنان. وكم من كاتب. وكم من رجل سياسي. عاني في فترة من تاريخ الولايات المتحدة من اتهامه بالاشتراكية.

وكم ظلت المكارثية حاضرة في الممارسة السياسية الأمريكية إلى اليوم.

ويمكن أن ينجح الجميع.

ويمكن أن ينجح الجن. والحمقى. و العنصريون. لكن من المستحيل أن ينجح مرشح يعلن صراحة أنه اشتراكي ديمقراطي.

و أين في نيويورك. واجهة أمريكا. وصورتها في العالم.

فمن كان يتوقع هذا.

وبعد موت الاشتراكية في كل العالم. باستثناء تنويعات مخففة عليها. ديمقراطية اجتماعية. وليبرالية اجتماعية.

وباستثناء استمرار أحزاب اشتراكية سابقة لم تعد مؤمنة بالاشتراكية ولا تحمل منها إلا الاسم.

وتسعى في أقرب فرصة إلى التخلص من ثقلها.

من كان يتوقع أن ينجح اشتراكي في أرض وفي دولة عظيمة وجدت لتكون نقيضا للاشتراكية.

و وجدت لتحارب أي تدخل في حرية الفرد

وأي تدخل في الربح.

وأي مبالغة في الرعاية الاجتماعية.

وأي تشجيع للكسل. و للتعويل على الدولة.

من كان يتوقع أن ينجح شاب يعد سكان نيويورك بمواصلات مجانية.

وبرفع الضرائب على الأغنياء في مدينة الأثرياء.

والنجوم. والاقتصاد. والثقافة.

من كان يتوقع أن ينجح اشتراكي ردد في حملته الانتخابية أنه سيقوم بمجرد نجاحه بتثبيت سومة الكراء.

في مدينة وول ستريت. ومانهاتن. وفي أهم مركز اقتصادي في العالم.

ناهيك عن مجانية رعاية الأطفال. كما لو أننا في الاتحاد السوفياتي.

وفي دولة رعاية مثالية.

وفي وقت كان يحاول فيه العالم القديم كله التخلص تدريجيا من عبء الدعم.

ومن عبء الرعاية الاجتماعية المكلفة للدولة.

ومن عبء الإنفاق المنهك للميزانية في القطاع العام.

يظهر اشتراكي

في أرض المبادرة الحرة. والحلم الأمريكي. و الفرد الناجح.

وفي بيئة

ترفض أي تدخل في الاقتصاد.

وتعتبر الاشتراكية جريمة.

وقد ظل الأمريكيون لسنوات طويلة ينتظرون نزول كائنات فضائية.

فجاءهم ترامب.

وبعد ذلك نزل عليهم من حيث لا يتوقع أحد أحد اشتراكي شاب اسمه زهران ممداني.

يدعو إلى المجانية

وإلى فرض مزيد من الضرائب على الأغنياء

ولا أحد يعرف أين سيتوقف طموحه

في عالم أمريكي استهلاكي

يضجر فيه المواطن من أحزابه التقليدية

ويميل كثيرا إلى اليمين

ويميل كثيرا إلى اليسار

لكنه سرعان ما يعود إلى روح أمريكا

وإلى حريتها

وإلى مكانة الفرد فيها

وإلى كل ما ظل عبر تاريخها يمنحها كل هذه القوة وهذه السمعة

وهذا التأثير

على البشرية جمعاء.