كود : إسرافيل المغربي ==
“الصوم يكون عن الإشتهاء، وليس عن الإمتناع عن الأكل والجماع، إن اشتهيت فقد فسد صومك” رواية النبطي.
الصوم الى جانب الصلاة ،يعتبر حجر الزاوية في غالبية الأديان ،سواء الإبراهيمية أو غيرها من ديانات شرق اسيا والديانات القديمة لإفريقيا جنوب الصحراء وبلاد مابين النهرين .الإنسان جعل من فريضة الصوم وسيلة من اجل إرضاء السماء،و اتسجلاب خيراتها ودفع غضبها،والتحصل على الخلاص الأبدي بتجنب النار الخالدة و ولوج الفردوس الموعود.
ان الصوم فلسفة قبل ان يكون طقسا دينيا وفريضة ربانية، والهدف منه تزكية النفس وتدريبها على الطاعة والصبر والانقياد, فهناك من يصوم لغرض التعبد وتربية النفس وسمو الروح وهناك من يرى فيه فرصة لتعذيب الجسد, بينما يجد البعض فيه فرصة لإيصال رسالة سياسية وتسجيل مواقف معينة ضد أوضاع سياسية أو قانونية.
إن فهم المغاربة ومن لف لفهم من شعوب المنطقة للصوم، مختلف بل أميل إلى التسطيح والآداء الميكانيكي . لقد تحول هذا الطقس الى عبء و فريضة تؤدى كما تؤدى اي ضريبة ،عن يد وهم صاغرون.
إن افراغ شهر رمضان من حمولته الروحية، وجعله شهر الإستهلاك والنهم ، وعدم قدرة عموم الناس على تمثل الصيام كفعل راقي، وفعل اختياري حر، وتحوله الى فريضة اجتماعية قهرية..جعل عموم الناس ،ينحرفون عن مقاصد هذا الطقس، بل يسقطون في عكس مايراد من الصيام.
إن شهر رمضان قد صار مرادفا لإرتفاع نسب الإجرام والإعتداءات الجسدية والمشاجرات وحوادث السير ، والكسل والخمول ،والتهرب من أداء الأعمال ،والتجهم وضيق النفس وكثرة السباب..فعوض أن يهذب الصيام نفوس الناس ،جعلها ضيقة كثقب إبرة، وميالة لكل ماهو مشين وسيء.
إن الصوم لايليق الا بالنفوس الكبيرة ، وبالراغبين في تسلق سلم الرقي الروحي، اما ان مُنح او فُرض على عامة الناس، فسيتحول إلى طقس بائس، فارغ بلا روح، يُمارس من اجل التخلص منه ،او ارضاء للمجتمع وعيون الفضولين. ان فصل الصيام عن اطاره الفلسفي والروحي،قد خلق لنا شعوبا متشنجة، تتعصب لأداء هاته الفريضة ،ولاتعير كبير اهتمام لمن يمارسها بشكل سيء، حيث ضحّى الجميع بالجوهر في سبيل الشكل والقشور.