حميد زيد ـ كود//
احْك.
احكِ لنا يا عزيز غالي عن بطولاتك.
وبالغْ.
وارو لنا كيف أخبرك مسؤول إسرائيلي في السجن بأن لا ذنب لإسرائيل في استمرار اعتقالك مادامت دولتك هي التي تخلت عنك.
ولن نشك لحظة في روايتك.
ولن نسأل بأي لغة قال لك ذلك.
ولن نستغرب من أن يتجاذب معك أطراف الحديث كأنكما صديقان قديمان.
وكأن الإسرائيلي متضامن معك.
وكأنه يخدم هدفك.
وما تناضل من أجل الوصول إليه
متّعْنا يا عزيز غالي بالأساطير.
وبالملاحم.
وبصمودك الفردي.
وبمقاومتك للاحتلال.
وسير اتجاه الحكي إلى الوجهة التي تريد.
واختلق ما تريد من الحكايات ومن الروايات.
ولن نكذّبك.
ولن نتساءل لماذا لم يحدث هذا إلا لك.
ولا تصمت.
ولا تتوقف لحظة عن الحكي.
فكل الذين شاركوا في أسطول الصمود.
كل المغاربة الذين اعتقلتهم إسرائيل.
متحفظون.
ولا قصص لهم ليقصوها علينا.
ولا بطولات لهم.
ولم يتحدث إليهم أي سجان إسرائيلي.
ولم يواجهوا مسؤولا كبيرا في دولة إسرائيل.
ولم يدعوا أنهم أفحموه.
وانتصروا عليه.
ولم يتحدث لهم أحد عن المغرب.
لذلك نريد أن نستمع إليك أكثر.
ونريدك ألا تتوقف.
وألا تحرمنا من تجربتك في سجون الاحتلال.
ونريد منك أن تفضح المغرب وتشكر تركيا باعتبارها دولة مقاومة للتطبيع.
نريد منك أن تذهب بعيدا.
فلا أحد منا بمقدوره أن يكذبك.
ولا تتردد لحظة.
وتأكد أن هناك من هم مستعدون لتصديقك.
وينتظرونك على أحر من الجمر.
فاحْكِ.
احْكِ يا عزيز غالي.
واطلق سلوقياتك في كل مكان.
وفي كل بودكاست.
وفي كل حوار سيجرى معك.
فأعذب الصمود أكذبه.
ولا تبخل علينا.
ولا تفكر لحظة في من سوف يشك في ما تحكيه.
وفي مواجهاتك.
وفي انتصاراتك على السجان.
وإذا كان أحد المشاركين في أسطول الصمود قد زايد عليك.
وحكى أنه واجه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
فلا تسكت.
ولا تسمح له بأن يسرق منك الأضواء.
ولا تدعه يتفوق عليك.
وأخبرْنا أنك واجهت إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريش معا.
وأنهم تناوبا على استفزازك.
ولم يفلحا في ذلك.
وانتصرت عليهما في النهاية. لينسحبا من زنزانتك صاغرين.
فكلنا آذان صاغية.
ولا شيء يسلينا.
ولا شيء صار يدهشنا في هذا المغرب الرتيب.
الذي افتقد فيه الجميع ملكة التخييل
والخلق
والإبداع
فاحْكِ.
احك لنا يا عزيز غالي كل شيء
من اليوم الأول
إلى لحظة العودة المظفرة محمولا على الأكتاف.
ولا تلخص الحكاية
ولا تجعل حلقاتها محدودة
ولا تنهها في موسم واحد
واكذب
اكذب يا عزيز غالي
اكذب علينا كما تشاء.
فقد اتفقنا جميعا على أن نصدقك
أن نتابع ملحمتك
فصلا فصلا
في عالم لم يعد فيه أحد يؤمن بالملاحم
وبالبطولات الفردية
وبحاجة الإنسان الحيوية
إلى الأساطير
وإلى الكذب
من أجل أن يستمر في الوجود.