حميد زيدـ كود//
كان العربي المغربي يخرج من الأمازيغي في مسيرة مراكش.
رغما عنه كان يخرج.
كان العربي يحرج هذا الأمازيغي الذي ظل يطرده من هويته.
ومن أولوياته.
ومن انشغالاته.
كان حاضرا فيه.
كان العربي قويا وغالبا.
وقد كان الأمازيغي عاجزا أن يكون أمازيغيا مائة في المائة.
كان مضطرا إلى رفع الشعار بالعربي.
كان الأمازيغي ابن ثقافته المغربية.
وابن تقاليد المسيرات في المغرب.
التي وضعها اليسار وأحزاب الحركة الوطنية والقوميون.
كان غير قادر على الانفصال عن العربي فيه.
كان العربي حاضرا بقوة في الأمازيغي.
كان متألقا.
كان في صورة ناصر الزفزافي المرفوعة.
كان هذا الأمازيغي القومي العروبي موجودا في المسيرة.
كان رمزا.
ومعتقلا سياسيا لأصحاب هذه القضية.
كان كل ما حدث في مسيرة مراكش يؤكد صعوبة أن تكون في المغرب أمازيغيا فقط.
وصعوبة أن تكون عربيا فحسب.
وقد كان الهدف من هذه المسيرة أن تكون ضد مسيرة أخرى.
كانت النية أن تكون مسيرة حدية.
وردا على طرف آخر.
بيننا الضد لا ينجح في المغرب.
ففي الواحد منا كل هذه الأضداد مجتمعة.
وفي الواحد منا العربي والأمازيغي.
وفي الواحد منا المغرب كله.
ولا يمكن للمغربي أن يطرد المغربي الذي فيه.
لا يمكن للمغربي أن يكون ضد نفسه.
لكن الذين نظموا مسيرة مراكش.
أو جزء منهم على الأقل.
ظنوا أن الأمر سهل.
وأنه مجرد شعارات تردد.
وصياح.
وموقف.
وأن الأمازيغي هو كائن خالص.
ونقي.
وغير مختلط.
لكن الآخر الذي يواجهه هذا الأمازيغي حاضر فيه رغما عنه.
ووجوده طاغ.
وقد فرض نفسه بقوة وخرج من الأمازيغي يوم أمس في مسيرة مراكش.
وتحداه.
خرج في التصريحات.
وكان العربي مندسا في الأمازيغي.
كان في روحه.
وفي ثقافته.
وفي ماضيه.
وفي حاضره.
وفي مستقبله.
كان الأمازيغي يواجه نفسه.
ويحاربها.
ويصرخ في وجهها.
ويلغيها.
وعبثا حاول الأمازيغي الخالص أن يلغي العربي فيه.
إنه يسكنه.
كما يسكن “العربي” المغربي الأمازيغي.
وكرد فعل يرى الأمازيغي الخالص من كل الشوائب أن شمال مالي أقرب إليه.
ويقارن بين ما يتعرض له الأزواد وبين ما يتعرض له الفلسطيني.
فيختار الأزواد.
يختار قريبه الأمازيغي.
يختار بمبدأ الضد.
يتضامن مع أخ ويقول إن الأخ الآخر لا يعنيه في شيء.
مضيقا على إنسانيته.
وعلى هويته.
بل أكثر من ذلك.
إنه ينظم مسيرة وطنية ليغطي على مسيرات سابقة.
ينظم مسيرة ضد مسيرة.
وفي مسيرته تحضر مسيرة أخرى.
ويحضر يوم أحد آخر.
فلا يتحرك هذا الأمازيغي
ولا يناضل
إلا إذا كان ذلك ضد مغربي آخر.
في سلفية أمازيغية غير واعية بأنها سلفية.
وبأنها يمين متطرف.
وبأنها قومية ضيقة.
حتى أن موقع كود وقع في الفخ.
ورغم كل حداثته وليبراليته فقد وجد نفسه يدعم سلفية من نوع ثان.
ويدعم نقاء آخر.
وأصلا.
وهوية ضد هوية أخرى.
بينما كل هذا غير ضروري.
ولسنا مضطرين أن نردد تازة قبل غزة
ولا إنزكان قبل الأزواد.
بل كل ما هو مطلوب منا أن نكون إنسانيين
والإنسانية لا تتناقض
مع أن يكون الواحد
مغربيا
ووطنيا
إلا أن الأمازيغي اليميني المتطرف
أو من يدفعه إلى أن يكون كذلك
يرفض أن يكون المغربي
إنسانيا
ويحتج
ويصرخ
ويتظاهر
كي لا تتجاوز إنسانية المغربي أرنبة أنفه.
فيخرج منه نقيضه
ويفضحه
ويفضح خطابه
وينسف المغربي الكامن في الأمازيغي اليميني
مسيرة مراكش.
كاشفا أن المغربي
وبحكم هويته
هو ضد كل الشوفينيات
وضد كل الهويات الضيقة
وضد هذه الإيديولوجية الصاعدة
التي تحاذي العنصرية
وتسعى إلى أن تحجر على المغربي
وعلى إنسانيته
وتريد منه أن يخرج من سلفية دينية
ليقع في سلفية قومية
لا تقل ضيقا
وتطرفا
وخطورة عنها.