كود كازا//

يعيش تراب عمالة إقليم النواصر، هذه الأيام على وقع حملات للسلطة المحلية ينفذها قياد وباشوات، للإجهاز على حقوق مكتسبة للأفراد، خارج ضوابط القانون وبنوع من الشطط والتجاوزات المعيبة، سيما في مجال التعمير.

وبعد أن هدمت بنايات دواوير بدعوى المصلحة العامة وشق الطرق، فرض على السكان البحث عن شقة للكراء إلى حين استفادتهم من سكن “كريم”، إلا أن فئات ظلت تنتظر دون جدوى، وانطلقت هذه العمليات في عهد العامل السابق الذي نقل إلى إحدى مدن الأقاليم الجنوبية، ليسلكها خلفه، دون ضمانات حقيقية لعشرات الأسر، التي فرض عليها البحث عن مأوى بعد أن تقدمت جرافات السلطة المحلية إلى تلك التجمعات، وظلت تنتظر الإخلاء إلى أن داست عليها وسوت الركام، لتختفي آثار تلك التجمعات التي استقرت منذ ستينات القرن الماضي، في هذا الجزء الذي كان بعيدا عن زحف الإسمنت.

وانتقل هاجس الخوف إلى شركات تتخذ من مستودعات مرخصة، خزائن للسلع أو المواد الفلاحية، حصلت على التراخيص منذ سنوات، إذ انتشرت الأخبار بين مختلف المستوطنين لأنشطتهم التجارية بإقليم النواصر تشير إلى أن جرافات السلطة ستنتقل من الدواوير إلى المستودعات، وأن الإدارة تبحث عن صيغ القرارات الإدارية التي ستشهرها في وجه المستهدفين، لإضفاء المشروعية على عمليات الهدم.

وضمن الصيغ التي لجأت إليها السلطة، مراسلة رؤساء الجماعات لحثهم على توجيه مراسلات للمستهدفين بالهدم، تفيد سحب الرخص الممنوحة إليهم، واستغربت مصادر كود الإجراء سيما أن سحب الرخص والقرارات الإدارية، مقيد بأجل 60 يوما من تاريخ صدوره، بينما مالكو المستودعات حصلوا على التراخيص في سنوات 2017 و2018 وغيرها، وأن مراكزهم القانونية تغيرت بسبب المعاملات والالتزامات التي راكموها طيلة هذه السنين، وأصبحت إدارتهم للمستودعات حقا مكتسبا، سواء بالنسبة إليهم أو إلى المتعاقدين معهم، خصوصا أن القاعدة في القضاء الإداري تشير إلى أنه ” للإدارة الحق في سحب قراراتها الإدارية في أي وقت من دون التقيد بميعاد الستين يوما، إذا لم يتولد عنها حقوق مكتسبة لأنها لا تكون بهذه الحالة قد مست بحقوق الغير”. وبهذا المفهوم فإن السحب في حالة إقليم النواصر سيمس حقوقا مكتسبة من خلال المعاملات التجارية التي راكمها ملاكها سواء باستغلالهم تلك المستودعات بصفة فردية أو في إطار شركات. فالقرارات القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق، مشمولة بضوابط قانونية محددة في القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية.

المراكز القانونية لهذه المستودعات التي تحولت إلى شركات لها أنشطة محددة في قوانينها الأساسية وظل مسيروها يدفعون الضرائب بانتظام، ويؤدون أجور المستخدمين وتعويضات صندوق الضمان الاجتماعي، تطرح استفهامات عريضة حول دواعي القرارات الفردية المتسرعة للسلطة المحلية، ومدى تقديرها لما ستسببه من اضرار وتأثير ذلك على الاستثمار، خصوصا أن إعدام هذه الحقوق بطرق غير مشروعة، سيدمر مستقبل العشرات من الأسر كما سيولد الخوف لدى المستثمرين، فكيف يعقل للسلطة نفسها أن ترخص بالبناء وترخص بمزاولة النشاط التجاري، وتنتظر أزيد من عشر سنوات لتقرر سحب الرخص، بادعاءات فضفاضة يشتم فيها عدم مشروعية القرارات.

كان على السلطة إشراك المعنيين فهم مواطنون، وإفهامهم بما يريده للإقليم، والبحث عن بدائل إن اقتضت المصلحة العامة إزالة موارد الرزق، لا أن تلجأ إلى أساليب نشر الخوف والذعر، فدافعوا الضرائب مواطنون ينبغي التعامل معهم في إطار من الشفافية، لا أن تغافلهم جرافات الهدم، كأنهم مذنبون لأنهم قاموا بتنشيط اقتصاد في منطقة كانت إلى أجل قريب قرى بعيدة عن أطماع المقاولين والمستثمرين في العقار.