اسرافيل المغربي- كود


“كلما ازدادت الفكرة هشاشة كلما ازداد إرهاب أصحابها في الدفاع عنها” نبيل فياض
في يوم من الأيام ، صاح أحد الصحفيين المشاهير في وجه رضا بن شمسي, بعبارته الشهيرة والمشينة :تقاد ولا خوي البلاد!وطبعا بن شمسي ترك البلاد وعبادها ،لأسباب أخرى، ونيني تم سجنه لنفس الأسباب ، وأحرقته نيران المنع والحجر ،التي كان ينفخ في رمادها لكي تحرق الأخرين .

السيد الصحفي المذكور  ليس إستثناء، فالأبواق الشعبوية الإستئصالية ،هي القاعدة، تشهر سيوف الفضيلة والدين والعقيدة ، كلما تراء لهم في الأفق ،صوت حر ،يزعج أفكارهم المتكلسة، ويزعزع سكينة أوثانهم المطمئنة.

حراس المعبد القديم ، لايزالون يؤمنون بضرورة نفي وإسكات ، كل الناشزين عن المعتاد والمسلَّم به ،ونفيهم من البلاد ،وهم بهذا لايختلفون عن المتطرفين دينيا في النوع بل في الدرجة فقط، فكلاهما لايؤمن بحق الأخر في الإختلاف والتفرّد ، ويسعى إلى وأده ،سواء بالإغتيال المادي ،كما يفعل الغلاة، أو بالقتل الرمزي ،كما هو حال أشباه المعتدلين.

إن الدين لله ،والوطن للجميع ، وعلى من يدعون للدمقراطية ، أن يعلموا أن هاته الأخيرة ،لا تعني فقط, الجانب التقني في تدوال السلط، بل هي أوسع من ذلك ، إنها ذلك التصور الذي يحول الأفراد في علاقتهم بالدولة ، من مؤمنين ورعايا ، إلى مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، تقف الدولة منهم موقف الحياد ، فلا تميز فيما بينهم على أسس الدين والأيديولوجيا والعرق والجنس..وتضمن للجميع حق التعبير والإعتقاد والإيمان من عدمه.

لا أحد في هذا الوطن ضيف عند الأخر ،وليس من حق أي شخص رفع فزاعة “التكفير الوطني” ، ونعت الأخرين بالخيانة والعمالة ، فقط لأنهم ذو فكر حر ،ولايتقاسمون مع السواد الأعظم ،يقنيتاهم ومقدساتهم.

إن مايجعل المغربي كذالك ، ليست معتقده أو مذهبه ،أو وفائه لمؤسسة ما، أو دفاعه عن تيار ما، أو تبنيه لمجموع قيم معينة ، بل إنتمائه إلى هذا الحيز الجغرافي والسياسي ، وأدائه لواجباته الوطنية وتمتعه ، إن تيسر له ذلك ،بحقوقه التي يكفلها له القانون.أيها السادة..إننا في عصر الدولة والمواطنة وحق الإختلف..أما عصر القبيلة ،والوفاء للرابطة العقيدة والقرابة..فقد تجاوزه ،من كان يرجوا للتقدم والرقي سبيلا.