كود : يونس أفطيط//
فيما مضى أتذكر أن جدي كان يقول بأنه اشترى أرضا بأكملها بفرنك واحد، والفرنك عند جدي له شأن عظيم، إن وجده في الارض حتى حين صار لا قيمة له يحمله ويضعه في خرقة كان يجمع فيها كل الفرنكات التي لا يعرف الآخرون قيمتها.
جدي كانت له نظرية أخرى، يقول أن فرنك على فرنك كاترجع عشرالاف، دير بيها التجارة ترجع مليون، ورغم أنه لم يكن بخيلا فإنه لم ينشئ أي تجارة بكل الفرنكات التي جمعها في حياته، ولا أعرف اصلا ما فعلها بها ولما كان يحتاجها.
وقد أطال الله في عمري حتى رأيت البرلمانيين هم أيضا يجمعون الفرنكات، مثل جدي، لكنهم لا يضعونه في خرق بالية، بل لا يحتاجون أن يلتقطوه بل تأتيهم بسرعة وتدخل حساباتهم، والحقيقة أني لم أكن أعرف أنهم يجمعون الفرنكات حتى أخبرتنا بذلك وزيرتنا الجميلة، التي لم أكن أعرف أن لها شغلا حتى إكتشفنا أنها خبيرة بصرف العملات في وزارة لها علاقة بعيدة كل البعد عن الصرف.
وقد رأيت جموع الفايسبوكيين غير واعين بكلام الوزيرة الجميلة التي يضاء التلفزيون والفايسبوك والحكومة بحضورها، ولعل هذا أكثر ما جعلها وزيرة.
لا يفهمون كيف أن راتبا سمينا في نظرهم هو جوج فرنك في نظر الوزراء والبرلمانيين، تماما كما لم أعرف في صغري كيف أن فرنكا تافها هو شيء عظيم لدى جدي، لكني الآن فقط فهمت كيف تجري اللعبة.
فهمت أن جدي شاهد سنوات القحط، وعلم أن الفرنك الابيض لليوم الاسود، وفهمت أن برلمانيينا ووزراءنا لم يشهدوا لهذا اليوم مثيلا، والدليل القاطع هو ياسين الراضي، إنظروا إلى أباه إدريس الراضي ورغم كل ما يمتلكه فإنه لم يتنازل عن معاشه، لأنه رأى الأيام السوداء حين كان سائق طاكسي وقبل أن يصبح مليونيرا، لذلك فإنه يحتفظ بمعاشه، ولا يبغي له زوالا، حتى إذا زال كل شيء بقت الفرنكات موجودة، أما ياسين، فهو لا يحتاج ل”جوج فرنك” ديال الحكومة، فلديه أموال الراضي الاب، لذلك طلع فجأة وقال للجميع، خذوا فرنكاتكم وإتركونا نعيش بسلام في ضيعاتنا الفلاحية.
الوزيرة الجميلة فهمت كيف يفكر جميع البرلمانيين والوزراء، فهمت جيدا أن 8000 درهم التي ترونها أنتم يا بوزبال مبلغا كبيرا ليست سوى فرنكات حتى إن وجدوها ملقاة في الشارع لن يكبدوا أنفسهم عناء الانحناء لإلتقاطها، ورغم كل هذا فإنه لم يتحدثوا، ولم يقولوا إنه مبلغ هزيل، واصابتهم القناعة جميعا، ورضوا بجوج فرنك.
وأما أن ينهض الرعاع ويحتجون ويغضبون لأن الدولة منحت برلمانييها ووزراءها 8000 درهم، فهذا ما اثار البرلمانيين، والوزراء معهم.
كيف تحتجون علينا ونحن من يتوجب عليه الاحتجاج ليكون المعاش أكثر من فرنكات لا تغنينا، هكذا هم يفكرون للرد على الشعب، لذلك أنا سأترشح، حتى تصير 8000 درهم التي أراها اليوم راتبا محترما، جوج فرنك بالنسبة لي غدا.
أه كم أتمنى ذلك، أريد أن أمشي في الشارع وارى الأموال مبعثرة ولا ارضى الانحناء لإلتقاطها، فكلها جوج فرنك بالنسبة لي بعدما صرت برلمانيا وصار لي كل ما اشتهي، وولت أيام أرى فيها الراتب السمين مجرد فرنكات.
لا أريد أن ابقى مع هؤلاء الرعاع، الذين لا يرون ما ترى وزيرتنا الجميلة
أريد أن اكون منكم وإليكم، لذلك سأترشح
سأهزم في البداية ولهذا أطالبكم بسن قانون خاص لي
إذا إنهزمت اصرفوا لي معاشا بقدر من سيصوت لي
أعطوني فرنكا عن كل صوت
ولا تبخلوا علي فأنا منكم ولم أعد أرى تلك الرواتب سمينة
إنه قليلة عليكم، وبالفعل هي لا تعدوا فرنكات
دافعوا عني وطالبوا الدولة بصرف معاش للمنهزمين في الانتخابات
ومعاش للذين فكروا أن يشاركوا في الانتخابات
ومعاش لأولئك الذين لم يولدوا بعد وسيشاركوا مستقبلا في الانتخابات
أعطوني فرنكا فأصمت، واطبق شفتاي كما يطبقها كل من ينال جوج فرنك