حميد زيد – كود//

ليس لهذه المرأة قطيع.

ولا تملك خروفا.

ولا تملك جديا.

ليس لها سوى نعجة و معزاة. و ولد صغير.

وقد نزلت من جبل كندر. في سيارة نقل كبيرة. ومعها ابنها. ومعها نعجتها و معزاتها.

نزلت مع الغنم.

نزلت مع رجال قريتها. ومع ماعز يصعد في الطريق.

نزلت من الجبل إلى سوق السبت في إيموزار.لتبيع كل ما تملك.

إذ ليس لهذه المرأة على ما يبدو زوج.

ليس لها أي شيء.

ليس لها سوى هذه المعزاة. وهذه النعجة. وصبيها.

وقد قطعت عشرات الكيلومترات. في واحدة من مئات الملاحم المغربية الصغيرة. التي لا ننتبه لها.

والتي تقع أحداثها كل يوم.

وكل عيد أضحى.

وفي أماكن كثيرة من المغرب.

وفي الوقت الذي نتحدث فيه نحن عن الغلاء. وعن الشناقة. وعن الحكومة.

وعن الدولة الاجتماعية. وعن المونديال.

وفي الوقت الذي لا نخرج من الفيسبوك إلا لنعود إليه.

تنزل تلك المرأة. وتنزل نسوة كثيرات. ويكتبن أكثر من أوديسة مغربية.بخصوصية محلية.

يكتبن واقعا مغربيا لا يمكن تصديقه.

يكتبن واقعا يفوق أي خيال.

دون أن نهتم بأمرهن.

ودون أن يثيرنا هذا النزول الأسطوري لامرأة مع معزاتها و نعجتها.

ولا الولد المرافق لأمه في رحلتها.

الولد الذي سيكبر.

الولد الذي قد يكون عاش هذه الملحمة أكثر من مرة.

الولد الذي سيتذكر تضحية أمه.

و سيتذكر عيده الخاص.

وربما لن يشتري أحد من المرأة معزاتها و نعجتها.

وكما نزلت من جبل كندر في الصباح

فقد تصعد إليه في المساء

وليس لها مال.

وليس لها زوج.

وليس لها أحد.

وليس لها سوى نعجة و معزاة و ولد صغير.

وليس لها عيد.

وليس لها أي شيء.

وليس لها سوى هذا النزول والصعود الملحمي

في مغرب لا نراه

وحين نراه لا نصدق أننا رأيناه.

حيث الصعود

هو نفسه الهبوط

وحيث مهما نزلت وصعدت المرأة

فإنها لا تصل أبدا

ولا تتوقف

ولا تيأس

وتستمر في رحلتها الطويلة

ومعها معزاتها

و نعجتها. وابنها.