حميد زيد – كود//

ولدت أنا وحسن طارق في نفس الحي.

لا أتذكر أين. ولا في أي مدينة. لكننا ولدنا معا. ومنذ أن كنا صغارا ونحن. أصدقاء.

بل أكثر من ذلك. فقد كان جدي صديقا لجده.

وكنا نخرج لنلعب الكرة. فتتسخ ملابسنا. وتارة كنا نغسلها في منزل أسرته. وطورا في منزل أسرتي. وتارة أشتري أنا الكرة. وطورا هو من يشتريها.

ولم يكن للأسف في ذلك الوقت هاتف ذكي لنلتقط صورة ولأفرجكم عليها. ولأهنىء صديقي.

وقد كبرنا وذهب هو إلى الاتحاد الاشتراكي. بينما اخترت أنا أن أذهب إلى اللامكان.

ومع ذلك ظلت علاقتنا مستمرة. وكنت بين الفينة والأخرى أزوره في الاتحاد الاشتراكي. وكان هو يزورنا حيث أنا غير موجود.

وحدث في هذه الفترة أن فكرنا في التقاط صورة تجمعنا. وتخلد صداقتنا. ولا أعرف ما الذي حال دون ذلك.

لكن الفكرة كانت موجودة. بينما لم تسعفنا الظروف.

حتى أن حسن طارق هو الذي كان يلح كي نأخذ صورة. وربما كان المصور بعيدا. وربما كان ثمن الصور مكلفا في ذلك الوقت.

ولا تحصل عليها إلا بعد أسبوع.

وفي أحد الأيام قصدنا استوديو السعادة. لكنه كان مغلقا. ولم نلتقطها.

وإلا كنت أشهرتها الآن في وجوهكم. وغلبتكم جميعا. وكانت لي أقدم صورة مع سفيرنا في تونس.

ولكنت المؤهل لأشتغل مساعدا له في مهامه.

ولكنت الأحق بتهنئته.

ولا أخفي أن صداقتنا مرت من لحظات ضبابية. وسادها بعض التوتر. لكن ما يجمعنا كان أكبر. رغم غياب الصور التي تؤكد ذلك.

وحين أصبح ينتقد التحكم ويتبنى لغة الإسلاميين. كتبت إليه رسالة أعاتبه فيها.

وحين صار له أصدقاء إسلاميون. يسافر معهم إلى تونس. وإلى قطر. لمحت له أن هذا خطير.

وقد يحول دون أن يصبح سفيرا.

ولمحت له أنه في الطريق الخطأ. وأن التحكم جميل. وقد يندم.

وفعلت كل هذا من منطلق الصداقة التي كانت تجمعنا. ومازالت. ولئلا ينحرف. ويصبح إسلاميا.

وقلت له صراحة إن كل شيء يذهب. ويذهب اليسار. ويذهب الإسلاميون لكن التحكم يبقى.

ونبهته من المراهنة على الحصان الخاسر.

وغالبا أنه اقتنع بكلامي.

وما يحز في نفسي. وما يؤلمني. أن المغاربة كلهم لهم صورة تجمعهم بالسفير.

إلا أنا.

لا أملك أي دليل على الصداقة التي جمعت بيننا.

وليس لي أي صورة معه.

رغم أني أقدم صديق له. وولدنا في حي واحد. قبل أن تتفرق بنا السبل.

لكنه درس لي.

ومن الآن فصاعدا. وكلما ظهر لي شخص ينتقد التحكم. وكلما صادفت اتحاديا أو يساريا يتبنى خطاب العدالة والتنمية.

سآخذه بالأحضان.

ولن أدعه يفلت مني. حتى ألتقط صورة معه.

فالصورة البيضاء تنفعك في الأيام السوداء.

وكم من سفير يمشي في الأسواق. ويحارب التحكم. ويجلس في المقاهي. وهو لا يدري أنه سيصبح سفيرا.

آه يا صديقي طفولتي

آه على تلك الأيام الجميلة التي أمضيناها معا

وإن نسيت فلن أنسى حين قلت لك سيكون لك شأن عظيم يا حسن

ومن تواضعك

ضحكت. ولم نلتقط صورة.

فهنيئا لك

وهنيئا للتحكم وللكارتيلات على حسن اختيارها.