الوالي الزاز -كود- العيون////
ما أسهل أن تكون مُحللا في المغرب.
ما أسهل أن تكون خبيرا في بلادنا.
ولن يُكلفك ذلك شيء.
ولا تحتاج لأن تعرف.
ولا أن تبحث.
ولا أن تغوص في الأحداث.
ولا أن تُلم بالتاريخ.
ويتوجب عليك فقط صياغة تدوينتين أو تغريدتين لتُصبح خبيرا.
وأخيرا ينضاف لقب جديد وسِمة جديدة للمغرب.
وبعد المملكة الشريفة.
وبعد جبال الأطلس.
وجامعة القرويين والأخوين وجامع لفنا.
انضممنا لقائمة المليون.
وفي موريتانيا مليون شاعر.
وفي الجزائر مليون اثنان ثلاثة أربعة خمسة ملايين شهيد والعُهدة على تبون.
وأصبحنا نحن بلد المليون محلل وخبير وباحث استراتيجي.
ولا تواجهنا سوى مشكلة وحيدة.
وأمامنا عقبة وحيدة فقط.
وهو أن المليون مُحلل وخبير وباحث استراتيجي منشغلون فقط بنزاع الصحراء.
ولا محللين ماليين.
ولا محللين اقتصاديين.
ولا خبراء في المشهد السياسي الوطني.
ولا محللين استراتيجيين في السياسات العامة.
ولا خبراء في لغة الجسد.
وحتى في كرة القدم ليس لنا محللون.
ولا أعرف محللا واحدا سوى “شميشة” ومجالها الطبخ.
والغريب أننا لم نعد نعرف أسمائهم لكثرتهم.
ودوزيم تستضيف.
وميدي 1 والأولى والراديوهات والمواقع والبودكاستات تستضيف.
والكل تحت يافطة خبير ومحلل استراتيجي.
والكل بلقبٍ مأخوذ بناصيته.
ونعرفهم فقط من وجوههم.
وأصواتهم وربطات العنق وخلفية استوديوهات الرباط.
ولا نتذكر لهم تحليلا منطقيا ولا قراءة مستقبلية.
ويجب أن نحتفل ونتعانق ونخرج للشوارع احتفالا بإنجاز المليون محلل وخبير.
ويتوجب أن يخرج من “في الواجهة” ومن “خلفها” لنحتفل سويا بهذا الإنجاز الخالد.
ولا أعرف لماذا لم يحتفل بنا كتاب “گينيس”.
ولو كان الأمر بيدي لَسَلّمت الرقم القياسي وجائزته لكل خبير ومحلل استراتيجي منشغل بنزاع الصحراء.
وسأوزع مليون جائزة “گينيس” بين الرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير وطنجة ووجدة وفاس والعائدون من موريتانيا ولـ”صحراويون من أجل السلام” في إسبانيا وفرنسا.
ومن ضمن هؤلاء الخبراء “فاعل جمعوي”.
ومنهم “أساتذة” لم تطأ أرجلهم مدرجات الجامعة.
ومنهم “قامات” لم تزر العيون ولا السمارة ولا الداخلة.
ولا يعرفون “المخيم ” وليس ذلك الذي في تندوف.
وأقسم أنني أعرف خبيرا في الشؤون الأفريقية يجهل مع من تتقاسم الجزائر حدودها.
ومنهم من لا يعرف امحمد خداد.
وجهابذة لا يُفرقون بين أهل الرشيد.
و”عولاما” بدأ مشوار تحليلاتهم الداغسة مع إبراهيم غالي في فترته الأخيرة فقط.
وخبراء لا يُجيدون سوى سمفونية “مول لمقص”.
ولا يختلف هؤلاء في شيء.
وكلهم متشابهون هيئةً وخطابا ويجترون.
وخطاب البروباگندا متفشي.
ونُصارع فيروس الصّدامية.
ومرة تهزمنا القبلية ومرات أُخر نهزمها.
ولكن نزاع الصحراء باقي إلا حدود اللحظة.
وبوريطة لا زال في منصبه وعمر هلال كذلك.
ولا حاجة لهما بتحليلاتهم.
ولا يحتاجان لمشورتهم.
ودي ميستورا أصم يبتسم لهم من بعيد بخُبث.
وگوتيريش يدير ظهره للجهل.
ونحتاج لمحلل واقعي.
ونريد من يوقظ.
ونحتاج من يناقش بالحقيقة.
ويقول الصحراويون “اسمع كلام مْبكِّينَك ولا تسمع كلام امظَحْكِينَكْ” -بمعنى اسمع الكلام الذي يبكيك ولا تسمع الكلام الذي يضحِكُك-
ونزاع الصحراء ليس مطية.
وليس جلبابا لمن ضاق به الحال.
وليس طريقا سيارا ولا سريعا للوصول.
وقل للطامعين بُعدًا.