كود الرباط//
قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إنه حرص على إعداد مشروع قانون المسطرة المدنية، اعتماد منهجية تشاركية واسعة استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموع المتدخلين في الحقل القضائي وعملت على ملائمة مواده مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ومبادئ حقوق الانسان.
وأضاف وهبي، بمناسبة المناقشة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، في الجلسة العامة بمجلس النواب اليوم الثلاثاء، أن قانون المسطرة المدنية يعتبر من أهم الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتأهيل عمل المحاكم لجعلها قريبة من احتياجاته وانتظاراته، فهو الشريعة العامة للقواعد المسطرية التي تطبق على كافة القضايا باختلاف أنواعها، ما لم يوجد نص خاص يقضي بخلاف ذلك.
وحسب كلمة وهبي، يتضمن المشروع “تنزيلا لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة التي تستهدف فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم، والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، وتحسين آليات التنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة”.
وقد عرف المسار التشريعي لمشروع هذا القانون عدة مراحل، بحيث أنه أحيل بتاريخ 31 يناير 2022 على الأمانة العامة للحكومة من أجل عرضه على مسطرة المصادقة التشريعية وعرف خلالها عقد حوالي 31 اجتماعا وقعت مناقشته بجدية وعمق، ليحال بعد ذلك على ثلاث مجالس للحكومة: الأول بتاريخ 23 فبراير 2023 والثاني في 20 يوليو 2023 والثالث بتاريخ 24 غشت 2023. وفق هبي.
وتابع: “وبعد المصادقة عليه في المجلس الحكومي الثالث أحيل إلى البرلمان بتاريخ 09 غشت 2023، وتم تقديمه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب والتي عقدت بشأنه سبعة عشر (17) اجتماعا، خصصت للمناقشة التفصيلية لكل مادة على حدى، وبتاريخ 19 يوليو 2024 تم التصويت بالإجماع على مشروع هذا القانون من طرف لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مناقشة دامت ما يناهز 15 ساعة داخل مجلسكم الموقر ناقش خلالها أعضاء اللجنة مجموع التعديلات المقترحة بكل مسؤولية ومهنية”.
وعن التعديلات المدرجة في مشروع هذا القانون، والتي مست مجموعة من المواد، يقول وهبي بأنها تهدف إلى تحقيق عدد من الأهداف لعل أهمها:
1/ إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال ملاءمة قواعد الاختصاص النوعي مع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، ودمج جميع الأحكام والنصوص القانونية الخاصة بكل من القضاء الإداري والقضاء التجاري وقضاء القرب، بالإضافة إلى نسخ المقتضيات المتعلقة بالغرف الاستئنافية بالمحاكم الابتدائية، تبعا لكونها حذفت بمقتضى قانون التنظيم القضائي؛
2/تعزيز دور القضاء في ضمان حسن سير العدالة، والإرتقاء بمستوى أدائها، من خلال تبسيط المساطر والإجراءات القضائية، وتيسير سبل الولوج إلى العدالة، وكفالة اللجوء إلى القضاء وفق أحكام الدستور بشكل فعال ومُجابهة التقاضي الكيدي من أطراف الدعوى، وتقليص الآجال، وترشيد الطعون وعقلنتها لاعتبارات تتعلق بالعدالة وتوسيع مجال الإعفاء من الرسوم القضائية، وإلغاء مسطرة القيم، وبتوظيف قاعدة البيانات المتعلقة بعناوين سكنى المتقاضين، المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية عند تعذر التوصل في العنوان المدلى به، وتنظيم آلية التصدي بمحكمة النقض بعدما كان قد تراجع عن ذلك في القانون الساري النفاذ؛
3/إدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية، من خلال تسخير وسائل التواصل الإلكتروني في الإجراءات القضائية المدنية، وإحداث مجموعة من المنصات الإلكترونية تهم المحامين، والمفوضين القضائيين والخبراء القضائيين، والعدول، والموثقين، والتراجمة المحلفين المقبولين أمام المحاكم، واعتماد الحساب والبريد والعنوان والتوقيع الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الإلكترونية في عمليات البيع بالمزاد العلني وإجراءات التبليغ والإشهار معتمدًا بذلك الإدارة الإلكترونية كخيار استراتيجي لتقريب القضاء من المتقاضين؛
4/ضمان الحماية القانونية الكاملة لحقوق المتقاضين وتحقيق النجاعة، والارتقاء بمستوى الخدمات القضائية من خلال إعطاء القاضي دورا إيجابيا في تدبير سير الدعوى ، وتعزيز صلاحياته تسهيلا لمهمة الفصل، وذلك فيما يتعلق بإنذار الأطراف بتصحيح المسطرة واستكمال البيانات الناقصة والإدلاء بالوثائق اللازمة من أجل الحد من أحكام عدم القبول، باعتبار أن القاضي هو المسؤول على مباشرة ومراقبة الإجراءات القضائية للدعوى التي يتولى البت فيها، واتخاذ كل التدابير القانونية لتجنب الهدر الإجرائي واختصار الزمن القضائي، وذلك انسجاما مع صلاحياته الدستورية في تولي حماية حقوق الأشخاص والجماعات، وحرياتهم، وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون، تطبيقا للفصل 117 من الدستور؛
5/تقوية حق الدفاع ذلك أن المشروع أكد على دور المحامي على مستوى تمثيل الأطراف أمام القضاء حتى في حالة الدعاوى التي تطبق فيها المسطرة الشفوية، فقوى من ضمانات الدفاع ومركز المحامي في الدعوى المدنية، فأصبح صلة وصل بين القضاء والمتقاضي، بحيث اعتبر أن إجراءات التحقيق من خبرة ومعاينة وأداء اليمين لا تتم بشكل قانوني إلا بحضور المحامي أو بعد استدعائه بصفة قانونية، كما أنه وإن اعتبر مكتب المحامي موطنا للمخابرة معه، وتبلغ إليه الإجراءات القضائية المتخذة من طرف المحكمة، إلا أنه استثنى تلك التي تستلزم تحملات مالية إلا في حالة وجود اتفاق كتابي بين المحامي والمتقاضي؛
6/إعادة النظر في مسطرة البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي وتحديد آجاله، من خلال التنصيص على إمكانية إثارة هذا الدفع في جميع مراحل الدعوى أمام محاكم أول درجة، ابتدائية كانت أو تجارية أو إدارية، أو أقساماً متخصصة في القضاء التجاري أو الإداري بالمحاكم الابتدائية، مع التنصيص على وجوب بت المحكمة في الدفع المثار داخل أجل ثمانية (8) أيام بحكم مستقل لا يقبل أي طعن، وإذا قضت بعدم اختصاصها النوعي أحالت القضية دون صائر، وعلى المحكمة المحالة إليها القضية البت فيها، مع عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي لأول مرة أمام محاكم ثاني درجة إلا بالنسبة للأحكام الغيابية، ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض؛
7/ الفعالية والنجاعة في تنفيذ المقررات القضائية، بإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، بحيث منحه اختصاصات الإشراف على إجراءات التنفيذ، وتتبع طلبات تنفيذ الأحكام والبت في الصعوبات المادية والوقتية المثارة بشأن بالتنفيذ؛
8/تنظيم الاختصاص الدولي: اعتبارا للفراغ التشريعي الذي يعرفه قانون المسطرة المدنية في هذا المجال، حيت تم تنظيمه وتحديد نطاق ومجالات تطبيقه، وذلك استنادا إلى قواعد القانون الدولي الخاص، وإلى ما تواتر عليه الاجتهاد القضائي في هذا الموضوع؛
9/ عمل المشروع على تنظيم مسطرة الصلح أمام المحكمة الابتدائية – فضلا عن ما هو منظم في المساطر الخاصة بقضايا القرب والأحوال الشخصية والاجتماعية – بقصد حسم النزاع بصفة نهائية أمام المحكمة الابتدائية، بحيث خول للمحكمة إمكانية عرض الصلح على الأطراف، ولها أن تسند إجراءه إلى من تراه مؤهل لذلك من محامين أو مساعدين اجتماعيين أو غيرهم. كما نظم مسطرة الوساطة، إذ منح المحكمة إمكانية دعوة الأطراف لسلوكها لإنهاء النزاع واعطائهم أجلا معقولا للإدلاء بنتيجتها؛
10/ إعادة تنظيم مجال تدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية باعتبارها وكيلة المجتمع، إذ حدد المشروع الجديد بشكل موسع القضايا التي تكون فيها طرفا أصليًا، خلافا لما عليه الأمر في القانون الحالي، والقضايا التي تتدخل فيها كطرف منظم من أجل إبداء الرأي القانوني واجب إتباعه. وبين الدعاوى التي يجب أن تبلغ إليها لتقديم مستنتجاتها سواء الكتابية أو الشفوية، وقد أجاز المشروع للنيابة العامة لدى محاكم الموضوع، سواء كانت طرفا في الدعوى أم لا، حق الطعن من أجل التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقييد بآجال الطعن.