حميد زيد – كود//

الشوارع فارغة.

ولا فاتح ماي هذا اليوم.

ولا استعراضات عمالية. ولا نقابات. ولا شعارات. ولا خطاب للزعيم النقابي. ولا رجال أمن.

كما لو أننا انتقلنا مباشرة إلى الثاني من ماي.

كما لو أننا تجاوزنا أول الشهر.

لكن من قال إنه تم إلغاء احتفالات عيد العمال.

لا.

ما نراه اليوم قد يكون بروفا لفاتح ماي مستقبلي.

هو احتفال تجريبي بفاتح ماي في العقود القادمة.

هو استعداد للآتي.

هو خروج غير مرئي للذكاء الاصطناعي. و الخوارزميات.

هي ديستوبيا نهاية العمال.

ونهاية الإنسان وتعويضه بالآلة.

وما يبدو لكم اليوم غريبا فهو فاتح ماي متوقع.

وما يبدو لكم خياليا. فإن كل المعطيات تشير إلى أننا ماضون في اتجاهه.

أما الشوارع فهي مملوءة عن آخرها بالخوازميات.

وما يميزها أنها لا ترى بالعين المجردة. ولا تشغل حيزا.

وهي التي تتحكم في كل شيء. وهي التي أرغمت الطبقة العاملة على الانسحاب. وهي التي أخذت مكان الشغيلة. وأفرغت الشوارع منها.

كما أنها ماضية خطوة خطوة في إفراغ المعامل. ولن تنجو منها أي مهنة. مهما ظن أصاحبها أنهم غير قابلين للتعويض.

كلنا تحت رحمة الخوارزميات.

وهذا الكلام ليس من عندياتي. بل هو مطروح منذ مدة.

وهناك مفكرون وعلماء يتنبؤون بأن وقوع ذلك قريب.

فلا تكونوا مغفلين.

لا تكونوا سذجا.

لا تنطلي عليكم الحيلة و تتوهموا أن السبب هو الفيروس.

كورونا لا دخل لها. بل هي مساعدة فقط. ومعجلة لهذا التحول.

وقد قضينا سنة ونحن نشتغل عن بعد.

ولم يحتج إلينا أحد.

وقد يأتي وقت نخبر فيه بأنهم لم يعودوا في حاجة إلينا بالمطلق.

بعد أن جاءت الخوارزميات والآلات.

وهذا ما حال دون خروج النقابات هذه السنة.

لا.

ليس الفيروس هو السبب.

بل احتلنا الخوارزميات وسيطرت علينا. واستولت على مناصب عملنا.

وأخذت مكاننا. وعيدنا الكوني. ومسيراتنا.

لكن أين سيذهب العمال. وهل سيختفون. وهل سينتهي التحليل الماركسي. وهل ستظهر طبقية جديدة. وطبقة من البشر مسحوقة. وطبقة روبوتات مؤهلة وذكية.

وما دور الفيروسات بمختلف أنواعها في هذا الصراع.

وهل ستشكل هي الأخرى طبقة مستقلة.

وهل سيكون مصير الزعماء النقابيين هو البطالة.

وهل ستزول الطبقات. وما مصير رب العمل.

وهل سنرى صراعا طبقيا آليا بين الروبوتات.

هل ستظهر آلات كادحة. وآلات مستغلة لعرق الآلات.

هل ستظهر آلات لا تجد ما تقيم به أودها. وآلات غارقة في البذخ. وتسكن القصور. ولها يخوت. وطائرات خاصة. وجزر خاصة.

وهل سيكتفي العامل-الإنسان بالتفرج.

وهل سيثور.

وهل قادر على الانتصار على الآلات القوية والمتطورة.

هل مستعد لهذه المواجهة القادمة لا محالة.

وفي هذا الإطار يقول التحليل الماركسي المواكب لهذا النقاش المستقبلي: إن الصراع سيكون بين ملايين العمال الذين عوضتهم الخوارزميات. وبين من يملك هذه الخوارزميات ويسيرها.

وهم قلة من الأثرياء الذين يتحكمون في الخوارزميات.

وهذه الأخيرة تأتمر بأوامرهم.

أما الليبرالي فيقول إن الخوارزمية قادرة على ضبط نفسها بنفسها.

وليست في حاجة إلى أي تدخل من الدولة

ولا من أي طرف.

في حين يذهب بعض المفكرين الأمريكيين أبعد من ذلك.

وينتصرون للخوارزمية ولحريتها

ويطمئنون العالم

محذرين من التضخيم اليساري لمخاطرها على العمال

ومن هذه الحملة المغرضة عليها

ومن هذا التشويه لسمعتها

ويقول واحد من أكبر المختصين في حياة الخوارزميات:

دع الخوارزمية تعمل

دعها تمر.

أما فاتح ماي

فكل المعطيات تدل على أنه سيصبح احتفالا شبحيا وسرابيا.

ومنذ سنوات والاحتفال به يتقلص بالتدريج والعمال المغاربة يختفون.

وتحل محلهم الفلبينيات

والمهاجرون من الدول الإفريقية

وذلك لمواجهة ندرة العاملين. ومن أجل ملء الفراغ ليس إلا.

في انتظار اللحظة التي ستبسط فيها الكونفدرالية الديمقراطية للخوارزميات سيطرتها على عيد العمال.

وهي نفسها اللحظة التي سيختفي فيها الجميع

وما شاهدناه اليوم ما هو إلا تجربة لما سوف يحدث

حيث سيختفي العامل

وسيختفي عيده

وبعد ذلك بمدة سيختفي الإنسان هو الآخر.