زينة الرباطي – كود///

القضية الفلسطينية الإسرائيلية قائمة منذ قرن لدى شعوب المنطقة من المحيط إلى الخليج على أساس ديني وروايات الكتب المقدسة. ولكم أن تتخيلوا أن شعبا يعتقد أن إلها كان قاعدا في السماء في عهد الفراعنة، قرر أن ينزل على شكل نار ليخبر موسى أن اختار قومه الأقرب إليه من بين باقي بشر الكرة الأرضية والكائنات الحية، وأنهم سيجتمعون في أرض بالشرق الأوسط هي أرض الميعاد.. وعلى أساس هذه الرواية تم جمع اليهود من جميع أنحاء العالم حول القدس بعد الحرب العالمية الأولى.
ولكم أن تتخيلوا أن مليار ونصف من البشر أغلبهم يعيش بين المحيط والخليج يعتقدون أن ذاك الإله غضب على شعبه المختار لأنه وجدهم يعبدون عجلا، وأنه قعد بعدها ينتظر لقرون أن يولد رسول في قريش ليكلفه وأمته بمهمة مقاتلة المغضوب عليهم في حرب نهاية الزمن ليستعيدوا القدس!!
أي إله هذا الذي يختار رجلا ليحارب رجلا، ويختار قوما ويعهدهم أرضا، ويغضب عليهم حين يعبدون عجلا، وينتظر قرونا، ليختار رجلا آخر ليحارب به من يكفر به، وشعبا ليقاتل شعبا.. وهو قاعد يجهز آلات التسخين والشواء والكي والسفافيد والباربيكيو ليشوي جباه ووجوه الذين لا يومنون بهاته الروايات؟ ويجهز الحليب والتمر والنساء لمن يومن بهاته الروايات.

لكم أن تتخيلوا أن شعوبا تقاتل بعضها لقرون بناء على هذه الروايات. وتحاول أن تبني دولا بناء على هذه الروايات.. لكم أن تتخيلوا أن بعض اليهود في القرن 21 يعتقدون بنقاء العرق وأنهم أفضل من باقي البشرية، وأن بعض المسلمين في القرن 21 أن الله يبعث لهم العلامات الصغرى ثم الكبرى لينزل عليهم من ينتصر لهم ضد بشر آخر، على اليهود.. وليصفق الله.. ويدخلهم بعد الموت بستانا في حليب وخمر ونساء.

وحين تحاول تصحيح المفاهيم، ووصف القضية الفلسطينية الإسرائيلية بما هي في حقيقتها، بأنها قضية استعمار بين شعبين، بغض النظر عن الدين والعرق، رضخت على إثرها فلسطين للانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى ولم تخرج منه إلى يومنا هذا، وأن على الشعب الفلسطيني إما أن يعلن الحرب كما تفعل حماس، إما أن يرضخ للسلم ويقبل بحل الدولتين..

وأن نفس الاستعمار قائم بالمغرب حين استعمرت إسبانيا الصحراء المغربية وسبتة ومليلية ولم تخرج إلى يومنا هذا، تاركة وراءها الإدارة المغربية على الأقاليم الجنوبية ومجموعة من الصحراوين المغرر بهم نصفهم قابع في أوضاع مزرية بالمخيمات والنضف الآخر يتاجر بالقضية ليغتني في الدول الأوروبية…

ينتفض المسلمون ليصفوا الحرب الفلسطينية الإسرائيلية بحرب الله والدين، وأنهم مصطفين مع الفلسطيين إلى يوم يبعثون. مصطفين بدعاء على اليهود انتهى مع رضوخ الشيخ السديس لسياسة ولي عهد السعودية بنسلمان للتطبيع مع إسرائيل، مصطفين بخطابات المهدي المنتظر أردوغان الذين بلغت في عهده المبادلات التجارية التركية الإسرائيلية عام 2018 إلى 6.2 مليار دولار. مصطفين مع شعب يمثل نفسه في الكينيسيت الإسرائيلي، ويستشفى كبير مفاوضيه صائب عريقات رحمه الله الذي توفي مؤخرا بمستشفى إسرائيلي.

خاصة المغاربة منهم، مصطفين مع شعب يناصر الاستعمار الخارجي على بلدهم المغرب، الاستعمار الخارجي الذي يمول جماعة البوليزاريو حتى تظل دائما شوكة في وجه استقرار المغرب ونمائه. مصطفين مع الفلسطينين داعمي البوليزاريو ضد بلدهم المغرب.

ولتصحيح المفاهيم، وللخروج من الروايات التاريخية الدينية، فالحرب الفلسطينينة الإسرائيلية بعيدا عن أي معتقدات حول الدين الأفضل والعرق الأنقى، هي حرب بشرية محضة على الأرض والموارد، البقاء فيها للأقوى كما عرفت البشرية في تاريخ البشرية.
والحرب في المغرب على صحرائة حرب على الأرض والموارد، أرض مغربية تاريخيا وجغرافيا وثقافيا، البقاء فيها للأقوى.. والأحق أن يهدر المغاربة طاقتهم كاملة للدعم النفسي المعنوي لجيشهم وأرضهم وعرضهم وتاريخهم.. بدل العيش في الأوهام ومد اليد لمن يعضها.

وحين ننتهي من قضيتنا المغربية، ويريد البعض الذهاب للانتصار لفلسطين كقضية سياسية.. فليحمل بندقيته وليذهب للميدان، لأن خرافات الدعاء على اليهود غير مستجابة.
كفى أوهاما، كفى ضعفا واستهتارا.