حميد زيد – كود//
تذهب الطائرة المغربية إلى الهند فارغة، كي تعود محملة باللقاح.
تقلع الطائرة المغربية وليس فيها إلا ربانها.
تقلع بلا مسافرين، وبلا أمتعة.
وتحلق في طريقها إلى نيودلهي، في رحلة طويلة وشاقة، تستغرق ساعات.
وهي فرصة كي يركب رئيس الحكومة سعد العثماني مع الربان.
وهي فرصة كي يتجاذب معه أطراف الحديث. وكي يؤنسه.
وهي فرصة كي يسليا بعضهما.
وكي يهيء له الشاي والقهوة ووجبة العشاء.
وكي يكون العثماني على بينة.
وكي يشعر بأنه مسؤول حقا، وأنه يستحق اللقب.
وكي لا يظل دائما هو آخر من يعلم، وعرضة للسخرية من طرف خصومه.
وبدل أن يبقى العثماني، هنا في الرباط، وكلما سألناه عن اللقاح، لا يعرف أين هو، ومتى سنتوصل به.
فماذا كنا سنخسر لو رافق العثماني الرحلة الأولى إلى الهند لجلب مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا.
وقد كان على الأقل سيخبرنا بأن الأمر تعذر.
أو أنه غير متوفر نظرا للإقبال الكبير عليه.
ونظرا لعدد سكان الهند الكبير.
وبأن هناك زحمة، وطابورا طويلا من الدول ينتظر دوره.
وأن دورنا لم يصل.
وأن دولة ما غشت في الطابور، و دفعتنا، مستولية على دورنا، وعلى حصتنا.
وكان سيخبرنا بكل التفاصيل، وأنه رفض أن يتدافع وأن ينزل إلى مستوى بعد الدول.
وأنه رئيس حكومة مسالم.
ولا يتدافع إلا مع أبناء بلده.
وكان سيشعر أنه مسؤول.
وكنا سنعتبره رئيس حكومتنا بالفعل، وأنه مهتم، ومتابع للعملية، وحريص على أن يلقحنا.
وأنه بذل مجهودا كبيرا، وسافر مع ربان الطائرة، ومع آلات التبريد، لكن ما البيد حيلة، وفوق طاقتك لا تلام.
لكن لا أحد قال ذلك.
لا أحد اقترح عليه هذه الفكرة.
لا أحد قال له سافر، واركب في الطائرة، فأنت لست شجرة.
ولا أحد وجه إليه دعوة مرافقة الرحلة المتوجهة إلى الهند، ولا هو بادر إلى ذلك، مفضلا أن يبقى في الرباط.
يناقش وضع الحزب الداخلي، ويقرأ تصريحات عبد العزيز أفتاتي للمواقع الإلكترونية، حول التطبيع.
رغم أن لا شيء في الرباط في الوقت الحالي.
والمغاربة كلهم على أعصابهم ينتظرون وصول اللقاح.
واللقاح لا يصل.
بينما رئيس الحكومة يخبرنا أننا سنتلقح حين نتوصل باللقاح.
متى؟
متى يا رئيس الحكومة؟
وقد سمعنا بأن طائرة أخرى أقلعت في اتجاه الهند لتحمل معها اللقاح من هناك.
بينما كانت خالية هي الأخرى من العثماني.
ولا أحد يقول له ماذا تفعل هنا في الرباط.
ولا أحد يقترح عليه ركوب الطائرة.
ولا أحد يقدم له النصح.
ولا أحد يحمسه، وينبهه إلى أنه مسؤول، وإلى أن المغاربة يتساءلون عن دوره.
وأن كثيرين يسخرون منه.
وأن خصومه يكرسون هذه الصورة السلبية عنه بنية مبيتة، ويركزون عليها.
وأنه لا يعلم أي شيء.
ليظل العثماني، بيننا، واضعا الكمامة، ومحترما الإجراءات الاحترازية، مثل أي مواطن عادي.
ساهرا علينا، وعلى سلامتنا.
والحال أن رئيس الحكومة ليس ممنوعا من السفر.
ولا يحتاج إلى تأشيرة.
وليس مبحوثا عنه.
وكم كانت ستتغير صورته لدى المغاربة لو نزل من الطائرة حاملا معه جرعات اللقاح.
لكن يبدو أنه محروم من ذلك.
ويستكثرون عليه حتى تسلية الربان، ومرافقته، كي لا يشعر بطول المسافة.
وحتى تغيير الجو وزيارة الهند يستكثرونه عليه.
رافضين منحه نصف معلومة عن اللقاح.
ولماذا لم نحصل عليه.
ولماذا تأخرنا كل هذا الوقت.
ولأن سعد الدين العثماني رجل طيب.
ولأنه لا يرغب في سرقة الأضواء ولا في المواجهة.
ولأنه مكتف دائما بالقليل.
ومتواضع.
ويشتغل بصمت ودون جلبة.
فإنه لم يركب الطائرة المتوجهة إلى الهند.
ولم يوظف الصلاحيات التي يمنحها له الدستور.
فمن كان سيمنعه صراحة.
لا أحد.
من كان سيقف أمام الرجل الثاني في الدولة
من كان سيرفض أن تحط الطائرة في المطار
نازلا منها العثماني
مستقبلا استقبال الأبطال
حاملا معه أول جرعة تصل إلى المغرب من لقاح أسترازينيكا.
مخاطبا المغاربة
ها هوااااا
ها ها ها ها ها ها هوااااااااا.
