الرئيسية > آراء > عولمة الوباء.. سؤال! لماذا أفزعت كورونا العالم، علما أن الإنسانية سبق و أن عرفت، علىمدى التاريخ، أوبئة أكثر عدوى و أشد فتكا من كورونا؟
01/04/2020 19:40 آراء

عولمة الوباء.. سؤال! لماذا أفزعت كورونا العالم، علما أن الإنسانية سبق و أن عرفت، علىمدى التاريخ، أوبئة أكثر عدوى و أشد فتكا من كورونا؟

عولمة الوباء.. سؤال! لماذا أفزعت كورونا العالم، علما أن الإنسانية سبق و أن عرفت، علىمدى التاريخ، أوبئة أكثر عدوى و أشد فتكا من كورونا؟

محمد اوزين ///

سؤال! لماذا أفزعت كورونا العالم، علما أن الإنسانية سبق و أن عرفت، علىمدى التاريخ، أوبئة أكثر عدوى و أشد فتكا من كورونا؟

المرجح هو أنه لأول مرة في تاريخ الإنسانية نعيش عولمة الوباء(globalisation de l épidémie): نفس العدوى، نفس الأعراض، نفسالفزع، نفس الضحايا، ولو بدرجات متفاوتة، وفي نفس الوقت، و في كلالقارات. من ووهان الى السبت آيت رحو. و كما قال أحد الظرفاء في تعريفطريف لمقاربة العولمة :” واحد شرب زلافة ديال الحريرة ديال الخفاشفووهان، و أنا محبوس في زاكورة”. كلام طريف لكنه يسوق في طياته حمولةدلالية تلامس عمق مفهوم العولمة.

في أواسط التسعينيات، لما أخذت فكرة العولمة تطفو على السطح و أصبحتموضوع نقاش عمومي، لم نستوعب الفكرة في غورها، طبعا خارج التعريفاتو التوصيفات المتداولة آنذاك، من قبيل القرية الصغيرة (village planétaire/ global village), تحكم، سيطرة، سقوط الحواجز و الحدودالاقتصادية،  الاستيلاب (l aliénation)،  تهديد الهوية و القومية، إلخ. لكنو مع حدوث الثورة الرقمية (révolution numérique/ digital revolution) أصبحنا نستوعب أكثر فأكثر هذا المفهوم، و الذي أصبح فيهالعالم من زجاج، الكل يطل على الكل، لتتجلى فكرة “القرية الصغيرة” و هوما تسبب في إنهيار أنظمة بفعل تأثير نماذج إستهلاك عالية، مقابل دخلمحدود، الشيء الذي خلق نوعا من اليأس والإحباط في النفوس، ليحييلاحقا تطلعا متجددا فنحو المزيد من المساوات، والعدل و الرفاه.

و حتى نعود إلى طرفة أخرى، على لسان أحد المفكرين الذي علق على واقعالتعليم في المجتمعات العربية، قائلا: “و كأني  بالكل يعرف مؤخرة كيمكاردشيان، ولا أحد يعرف مقدمة ابن خلدون”. في إشارة منه إلى الإنبهار والإستلاب بالغرب، على حساب إهمال موروث فكري عربي رائد.

صحيح عاشت البشرية أوقات عسيرة مع المرض و الوباء، مند الطاعونالأسود (la peste noire) و هو اول وباء تم التعرف عليه علميا، وتسبب فيإزهاق أرواح نصف ساكنة أوروبا إبان القرن 14 على مدى 5 سنوات. ثمجائحة الكوليرا التي حصدت الآلاف من الضحايا في العالم خلال القرن 19. و عند بداية القرن 20 ظهرت الانفلوانزا الإسبانية (la grippe espagnole) و تسببت في خطف ألاف الأرواح، قرابة 100 مليون شخص أي ما يعادل %5 من ساكنة العالم. و حتى حدود بداية الألفية الجارية، أي سنة 2009 بدأالحديث عن وباء جديد سمي بإنفلونزا الطيور ( la grippe aviaire), وأحيانا إنفلونزا الخنازير (la grippe porcine) حسب الحيوان الذي يحملالفيروس، و لم يكن أقل فتكا بالبشر و الحيوان. وأبان سنة 2013, إهتزالعالم بفعل وباء جديد أطلق عليه إسم إيبولا (Ebola), ظهر في القارةالإفريقية و خلف ما يفوق بكثير 11,000 قتيل، ولم يتم وقف زحف إيبولا إلاعند حدود 2018.

الملاحظ هنا أن هذه الأوبئة(épidémies) نوعان، نوع مستوطن(endémique) ظهر في مناطق جغرافية محدودة، و نوع هم فضاء أوسع ( pandémique) كونه إجتاح العالم، مما يفسر وصف الجائحة. وهو تعبيرجاري عند المغاربة “درباتو الجايحة”.

هناك الكثير من الأطروحات تتحدث عن نسبة وفيات الأنفلوانزا الموسمية     (la grippe saisonnière) والتي تقدر، حسب المنظمة العالمية للصحة، ب700,000 سنويا، على وجه المقارنة. لكنها مقارنة غير موفقة، إعتبارا لكونكورونا تتفوق على مستويين: مؤشر العدوى (indice de contagiosité)، ونسبة الفتك (taux de létalité) بمعنى نسبة الوفاة المرتبطة بالوباء. وهنانستخلص ان نسبة فتك Covid 19 في حدود %3 بمعنى 30 مرة وأكثر منالانفلوانزا الموسمية التي لا تتعدى %0,1.

يتضح اليوم أن العالم أصبح فعلا تلك “القرية الصغيرة”، و أكثر من أي وقتمضى، بعد جائحة كورونا. قرية يهددها الوباء، و يحول شوارعها و أزقتهاالى فضاءات مهجورة، في مشهد ديستوبي

‏(dystopique) رهيب يوحي بسيناريوهات نهايةالعالم، فأكثر من ثلث ساكنةالمعمور في حظر  صحي،. صور و تسجيلات تجسد نفس الوضع, نفسالسخرية، و نفس الفزع، و من كل بقاع العالم، و الكل يصارع الزمن و يقاومالخوف من أجل البقاء و من أجل الحياة. كما جسدتها بروعة الروائيةالإيطالية الشهيرة، Francesca Melandri, و هي تعيش الحظر الصحيلأكثر من ثلاث أسابيع، من خلال رسالتها الموجهة الى الفرنسيين بعنوان: ” اكتب إليكم من مستقبلكم” (Je vous écris depuis votre futur) وهيتستهل رسالتها بالقول:” نحن الان حيثما ستكونون في غضون الأيام القليلةالقادمة، فمخططات الجائحة تبين أننا إنضممنا إلى بعضنا البعض فيرقصة متوازية. كل ما في الأمر أننا متقدمون عليكم بخطوات قلائل علىطريق الزمن، تماما كما هي ووهان متقدمة علينا ببضعة أسابيع”.

لهذا أرعبت كورونا العالم.

موضوعات أخرى

20/04/2024 01:00

نهضة بركان غيمشيو من مطار الجزائر للوطيل يرتاحو والكاف عطاهم ضمانات على التونيات