الرئيسية > آراء > وهم “الصحوة الدينية”، عودة الى دين الفرد، هذا زمن الفرد-1-
27/10/2016 15:51 آراء

وهم “الصحوة الدينية”، عودة الى دين الفرد، هذا زمن الفرد-1-

وهم “الصحوة الدينية”، عودة الى دين الفرد، هذا زمن الفرد-1-

هشام اعناجي///

في السنة الماضية وقع بين يدي كتاب ترجمه المؤرخ والروائي المغربي عبد الله العروي وهو جزء من مشروع ضخم كتبه جون جاك روسو، الكتاب ضم في صفحته الرئيسية عنوانا جذابا “دين الفطرة”، تصفحت أوراق الكتاب وانتابتني عدة مقولات، أهمها وأوضحها تلك التي كان روسو صادقا فيها ” الإيمان في خدمة النفس، الدين في خدمة المجتمع، المجتمع في خدمة الفرد”، حتى الدين خلق للفرد ليسعده وليوضح له الطريق، بل ليس الدين فقط بل كل الادلوجات والمرجعيات تسعى الى الفرد، همها الاول والأخير الفرد، بل كان هدفها الرئيسي والأساس لكي يجلب ثقة الناس هو مصلحة الأفراد في الدنيا والاخرة، وهنا افتح قوس بسيط، هو ان مفهوم الآخرة بمنزليه الجنة وجهنم اختلافا بشأنهما العلماء سواء علماء دين او علماء الحاد، من بين علماء الدين الذي اختلفوا جذريا مع زملاءهم في الحرفة “حرفة التفسير أساسا حيث كان التنافس حادا بينهم اما ارضاءا للسلطة او بحثا عن مصلحة ” مصطفى محمدو في تفسير ممنوع من الأسواق “القران نحو فهم معاصر”، يذهب فيه ان المنزلين الجنة وجهنم ما هما سوى تصوير فني وتمثيلي وليسوا بحقيقة، واعطى ادلة قوية للدفاع عن تفسيره، رغم دور الفرد الا أني رغم ذلك ذبت في الجماعة ودافعت عن الوحدة الثقافية والسياسية والاجتماعية وحتى اللغوية وان كنت أمازيغيا باللسان والدم، وصرت بطلا قوميا في عز شبابي كأني انتمي لعصر عبد الناصر، وشاركت في تنظيم اكبر مؤتمر لغوي “الائتلاف الوطني من اجل اللغة العربية” دفاعا عن لغة الضاد ضد دعوات عيوش، الاخير لم اكن يوما أقبله، حتى صرت مدافعا عن حقه، اي عن الدارجة في التعبير والكتابة، لان الحرية أصل كل تفكير اي أصل كل سلوك بما فيه سلوك الكتابة، صرت مدافعا عن الدارجة لأَنِّي احتاج الى مال لأَنِّي احتاج لشيء يغطي حاجاتي الاساسية، لكي تسمو فردانياتي على اوهام الجماعة، او على مبادئها كما يسمونها .

لن أجادل احد، سوى نفسي وضميري الذي اخاطب كل ليلة، عن القانون الذي يسري علي وعلى مجتمعي، لقد كنت بالامس احلم كما حلم الكثيرون بمشروع نهضوي بمرجعية دينية بأسلوب حركي تفاعلي، تركت تخصصي الفيزياء وعنقت الأدب وفشلت في كتابة بيت شعري او خط نص مسرحي ناهيك عن كتابة رواية او رسم لوحة فنية، فصرت بعد فشلي في الأدب اجتماعيا فمددت يدي للنضال وتركت القراءة وحاربت الوصولية والانتهازية في الميدان فاكتشفت أني اكبر خاسر في معركة غير عادلة، ولاني أفكر خارج منطق التاريخ الذي يمشي وفق هذه المعادلة “الذي يحرك المجتمع هو المصلحة وليس الحق”، فحصدت الأصفار في مساري، او كما قالها الأديب وكبير الفلاسفة في روسيا احد الصادقين بل من أنبياء الصدق تولستوي في اعترافه ” كلما تنازع المعتقد مع الحياة كانت السيادة للحياة”، فعلا كانت السيادة للمصلحة هذه حقيقة، بمعنى المعتقد “الدعوة التي نحلم بتطبيقها او الاديولوجيا” كانت فقط وسيلة حشد تنظيمي لقيادات تستفيد من وجود امثالنا الأبطال المناضلون، لكي تستمر وتتسلق المناصب، وحتى الخطاب الدعوي الذي كنّا نسمعه فهو خطاب داخلي لتوحيد الصف الاسلامي لا اقل ولا اكثر ولم يكن خطابا خارجيا، ودليلي هنا ان هذا الخطاب لن ينفعك في الحياة العامة التي تعترف فقط بالانجاز والاجتهاد والعمل، اضافة الى ان الحركة الاسلامية لم تعد تعمل على تأطير الناس دعويا، اليوم، لانها دخلت في مرحلة انتفاء الاديولوجيا او نهايتها، فتكتفي بتنظيم جلسات نصح وتربوية لابنائها الابرار، ابنائها التي ترسلهم الى المدارس الخاصة التي أنجزها الاخوان في مرحلة انتشارهم، كما فعل الاتحاديون في مرحلة طردهم من التعليم العمومي واتجه رأس مالهم الى التعليم الخصوصي فكان اول من أسس المدارس الخصوصية المغربية هم الاشتراكيون !!!، فكذلك فعلت التوحيد والإصلاح والعدل والاحسان والسلفيين، اسسوا المدارس الخصوصية، ليوجهوا ابنائهم لا أبناء التنظيم، لا مناضلوا التنظيم الذين يتحولون في العادة الى وقود محرك لتنظيمهم، وتستعين الحركات الاسلامية في تدجين ابنائها بمحترفي بيع الكلام “مدربي التنمية الذاتية”، في مرحلة الموت الادلوجي، حيث القادة المؤسسين للعمل الدعوي شقوا طريقهم نحو السياسية، الاخيرة تبتلع المبادئ وتغير مواقف كبار المنظرين، هذه المرحلة شكلت عنصر تحول في قيم وسلوك الإسلاميين، حيث ستظهر سلوكات مغايرة لما ذهب اليه الاولون المؤسسين “بنكيران، يتيم، باها، الشقيري، وغيرهم”، باستثناء العثماني الذي كان ذكيا في تعامله مع فكر الحركة الاسلامية الا أن تأثيره بقي ضعيفا لأن القاعدة الواسعة من التنظيم لا تقرأ ولا تهتم بالافكار المتحررة من الاديولوجيا من الشحن الطائفي، لانه ببساطة هم في حاجة الى أسلحة “تاريخية= التمسك بالماضي وبزلاته لمواجهة العلمانية في هذه المرحلة التي وصفتها بمرحلة التنمية الذاتية”، اذ استعانت التوحيد والإصلاح وغيرها برواد التنمية الذاتية لمواجهة الحداثة والعلمانية، وقد اتضح الامر في سنة 2002 مع خطة ادماج المرأة وغيرها من الصراعات الهوياتية التي ظهرت مؤخرا، حيث لعب فيها عرابو اسلام السوق على شاكلة منهج الدعوة والتبليغ وشاكلة الزعامة الخاوية واللعب بأوتار العاطفة “الشيخ سار، النهاري ، وبنحماد والنجار، ..” دورا كبير على مستوى تجييش الجماهير عبر الخطاب الديني الوعظي الهجومي الذي يتخذ عدوا، “هذه مسألة نفسية اكثر منها عقلية، فالإنسان دائما يحتاج الى عدو يحفزه على انتاج مواقف ردود افعال لما لا اعمال عنف”، وعلى مستوى الخطاب المعرفي المؤدلج فلعب المثقف الاسلامي ابوزيد الإدريسي دورا كبيرا في تجييش الشباب وإقناعهم في الانخراط في العمل الاسلامي.

قبل تتمة المقالة الاولى، اوگد ان الهدف من السلسلة هو محاولة تحليل ما يقع داخل الواقع الاسلامي من تحولات اجتماعية وثقافية وسياسية، وأؤكد ان تجربة 8 سنوات من العمل التنظيمي، اوحت لي بفكرة أساسية سأضطر لتكرارها في كل مقال ضمن هذه السلسلة، هي فكرة “الفرد.. ولا غير الفرد.. يدخل للجماعة لمصلحته، ويخرج منها لذات الهدف.. يولد فردا يموت فردا، يحاسب فردا..يُؤْمِن يكفر يلحد فردا..”.

موضوعات أخرى

19/04/2024 23:01

نهضة بركان غيمشيو من مطار الجزائر للوطيل يرتاحو والكاف عطاهم ضمانات على التونيات

19/04/2024 21:59

الروينة وسط “علي مومن” بعدما طيحو الجدارمية بسطات ريزو كيبيع المخدرات فالحبس كيتزعمو موظف

19/04/2024 21:30

كانو غاد يهربوها للمغرب ويبيعوها بوراق مزورين فدول إفريقية.. لاگوارديا سيپيل حجزو طوموبيلات مسروقة ف هولندا وفرنسا

19/04/2024 21:20

الفرقة الوطنية طيحات شبكة كبيرة “للتسويق الهرمي”: الضحايا من بين فاس ومراكش وطنجة ووزان

19/04/2024 21:08

دومي فينال المغرب وليبيا: عموتة المرشح لتدريب الوداد جا يشجع الأسود وموتسيبي غاب على غفلة ولقجع ديما حاضر لتشجيع المنتخب