الرئيسية > آراء > عن اختفاء الفاصلة المنقوطة! نستعملها في حياتنا اليومية دون أن ندري. وفي الطريق السيار. وفي محطات الاستراحة. وفي السرير. وفي القيلولة. بينما قررنا أن نقصيها من اللغة
26/04/2017 16:30 آراء

عن اختفاء الفاصلة المنقوطة! نستعملها في حياتنا اليومية دون أن ندري. وفي الطريق السيار. وفي محطات الاستراحة. وفي السرير. وفي القيلولة. بينما قررنا أن نقصيها من اللغة

عن اختفاء الفاصلة المنقوطة!  نستعملها  في حياتنا اليومية دون أن ندري. وفي الطريق السيار. وفي محطات الاستراحة. وفي السرير. وفي القيلولة. بينما قررنا أن نقصيها من اللغة

حميد زيد كود ////

أينها. أين الفاصلة المنقوطة.

منذ مدة لم أرها. كأنها ليست علامة ترقيم. كأنها غير نافعة. ولا جدوى من استعمالها.

لقد اختفت. ولا أثر لها بين الجمل.

كأن الكتاب لم يعودوا في حاجة إلى وقفة متوسطة. ولا أحد منهم يرى ضروريا أن يأخذ نفسا.

وأحيانا أجدها معزولة في نص أدبي. وغريبة. ونشازا. كخطأ مطبعي. كما لو أنها وقعت سهوا.

أما في الصحافة. فهي غير مستحبة. وممجوجة. ويقول المراجع اللغوي في الجريدة إن لا مكان لها في الصحافة. ويساعده الصحفيون في ذلك. وأغلبهم لا يستعملها. ولا يستعين بها.

وقد طردناها شر طردة.

ومن منا يخبرني أين هي في لوحة المفاتيح. لا أحد يعلم أين هي. إلا الذين يستعملونها ويظنونها نقطة. إلا الذين يلطخون بها مقالاتهم ويظنونها فاصلة.

بل هي أشد من الفاصلة وأضعف من النقطة.

لكننا مسرعون. ولا نرغب في التوقف. ونذهب إلى النقطة كي نخلص من عناء اللغة. وأحيانا نعوضها بالفاصلة. وأحيانا نلجأ إلى النقطة.

ونستعملها في حياتنا اليومية دون أن ندري. وفي الطريق السيار. وفي محطات الاستراحة. وفي السرير. وفي القيلولة. بينما قررنا أن نقصيها من اللغة.

ونقول إنها دخيلة على العربية الفصحى. وليست لنا. وكافرة. وليست عطفا. ولا وقفة. ولا استراحة. ولا جمال فيها. وزائدة. ولا دور لها.

ويأتي بها الأديب إلى الصحافة. فيحذفها له المراجع اللغوي. ويعتبرها خطأ. وحذلقة.

ويأتي بها الأستاذ. لكنها ثقيلة على القارىء. ومنفرة. وحشو. وعجرفة فارغة. وتجعل المقال الصحفي يئن. وليس مهنيا.

وقد قلدنا الأدباء. وأهملوها بدورهم. فصارت نادرة في الكتب. وفي القصة. وفي الشعر. وفي الرواية. كأنها ليست حداثية.
والعالم كله لم يعد مستعدا أن يتوقف. وأن يوضح أكثر.

كلنا في عجلة من أمرنا. ونرغب في أن نصل بسرعة. وأن نستريح استراحة واحدة. وبعد أن ننتهي.

وكم كان دورها حاسما في الماضي. حين كان الشكل مؤثرا. وكان الأسلوب. وكانت مفتاحا لفهم المعنى. وارتباطه بما سبقه.

وكم كانت بطلة في كلاسيكيات اللغة الفرنسية.

وكم كان يستعصي الفهم دون الاستعانة بها.

أما الآن فلا حاجة لنا بها. ونعوضها بالفاصلة. ونعوضها بالنقطة. أو لا نعوضها بالمرة.

والعالم كله تنكر لها.

العالم كله لم يعد محتاجا إلى الفاصلة المنقوطة.

إنها عبء ثقيل

وتخلصنا منه
كأن العالم لم يعد راغبا في التوقف. ثم الاستمرار من جديد.

كأننا نرغب في أن نبلغ حتفنا بسرعة

كأن الفاصلة المنقوطة حجر عثرة أما تقدمنا إلى الهاوية

كأن هذا العصر لم يعد في حاجة إلى علامات الترقيم

وهو ما توصل إليه بعض الكتاب
فتخلوا عنها بالكامل

ولا أحد يقف

ولا أحد يستريح

فتجري اللغة

وتسيل

ويختلط المعنى

كما العالم. كما الحياة. كما الوجود.

لكن لكل شيء نقطة

ولكل شيء نهاية

وما نقوله. وما نكتبه. سينتهي يوما ما.
وستكون نقطة

آخر نقطة

وينتهي معها الكلام.

موضوعات أخرى

29/03/2024 06:00

العراقي لي حرق القرآن فالسويد علق لبلاد خرا.. غادي يطلب فيها اللجوء بعدما قررات ستوكهولم تجري عليه