شباب الأصالة والمعاصرة الطموح! إذا التحقت بالبام ولم تجد مكانا لك، لا تستقل منه، بل نم فيه، وانتظر فرصتك

حميد زيد كود —/-

ليس الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة هو النكتة، بل الاستقالة منه، وحين يفعل شخص ذلك، فإنه لا يثير الانتباه، بل السخرية.

لا أحد يبعث إلى المستقيل تحية نضالية، ولا أحد يسأله عن السبب، وماذا سيفعل بعد ذلك، وما هو مشروعه المقبل، وبأي حزب سيلتحق.

الذين يسمعون الخبر يضحكون في عبهم من المستقيل، واحتراما له لا يبالون بالخبر، ولا يعيرونه اهتماما، أما إذا اهتموا به فالأمر مضحك حقا.

توالت هذه الأيام بعض استقالات لشبان طموحين، وشابات طموحات، من حزب الأصالة والمعاصرة، والسبب هو غياب الديمقراطية والتحكم.

هاهاهاهاهاهاهاها، أليس هذا نكتة، ومن فرط انغماسهم في التجربة صدقوها، ومن فرط حماسهم ورغبتهم في الصعود السريع لم يستوعبوا سقوطهم المدوي.

مشكلة أغلبية الملتحقين بالبام، اعتقادهم أنهم وبمجرد نيل العضوية سيصبحون برلمانيين ووزراء ونافذين وأثرياء، وأن الطريق ستصبح أمامهم سالكة، وأن باب الجنة سيفتح لهم، وأنهم بخطوتهم هذه سيختزلون المسافات وسيعفون من مشقة النضال التدريجي، وأن النجاح سهل وسيستقبلهم بالأحضان، وغدا سيحققون طموحهم، وشبيك لبيك، وها نحن وصلنا، دون تعب ودون تدرج وبنضال مضمون، لا مفاجأة فيه ولا عراقيل ولا خصوم.

وفجأة يكتشفون الوهم، وأن الحزب ليس جنة، كما كانوا يتوقعون، والدخول إليه ليس آمنا، والمستقبل فيه ليس مضمونا، وأن كثيرين فكروا مثلهم، وأن زحمة في الطريق، ولا يمكن للجميع أن يفوز، حتى لو كان إغراء هذا الحزب وما يمنحه للملتحقين به صحيحا، ويحقق المجد في وقت قياسي، دون حاجة إلى معلم.

ولأنهم شباب طموح وجميل وفي مقتبل العمر، فإنهم لا يضعون نصب أعينهم أن دخول حزب الأصالة والمعاصرة ليس كالخروج منه، ولم يستفيدوا ممن جرب ذلك قبلهم من الكبار، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل، وبلا أحزاب كانوا يملكونها، وبدون مقرات، ولا أتباع، بعد أن صدقوا أن أسهل طريقة للوصول هي الالتحاق بهذا الحزب.

جاؤوا أفواجا إلى حزب الأصالة والمعاصرة، ولم يسمعوا بقصص أشخاص سبقوهم، حملوا معهم أنصارهم، ثم اضطروا إلى الاستقالة والعزلة، بينما ظل أنصارهم في البام.

ولم يسمعوا بأحزاب التحقت بكامل أعضائها وقياداتها، وفجأة وجدت نفسها لا تملك أي شيء.

ولم يسمعوا بأشخاص كان لهم رصيد نضالي، ودون أن يدروا بددوه في البام، وصاروا بين عشية وضحاها مفلسين ورصيدهم فارغ.

لذلك أعتبر الدخول إلى حزب الأصالة والمعاصرة طموحا مشروعا، أما الخروج منه بدعوى غياب الديمقراطية والتحكم، فهو نكتة، تجعل كل من يسمعها يستلقي على قفاه من الضحك.

كما أني أتضامن مع الباقين في البام، والصابرين، والذين ينتظرون فرصتهم، والذين لا يشككون في الديمقراطية الداخلية، هؤلاء أحترمهم، وأحترم قناعاتهم، رغم أنهم مجرد رقم، فإنهم مؤمنون بمستقبلهم، وبأن الفرصة ستأتي يوما ما، وأنه من الأفضل للمناضل الحقيقي النوم في البام على أن يتشرد في الفيسبوك، بلا حزب ولا حداثة ولا أصالة ولا معاصرة ولا ملعقة يمين وملعقة يسار، ولا أصبع دين وأصبع علمانية.

لكن ماذا تقول للشباب.

ماذا تقول للبنات المناضلات الجميلات اللواتي وجدن أنفسهن في الآوت.

ماذا تقول لهؤلاء المندفعين الذين يسعون إلى الحصول على كل المجد دفعة واحدة، دون جهد ولا مشقة.

ماذا نقول أمام اندفاعهم

وبراءتهم

وسذاجتهم

ماذا تقول لهم بعد أن اكتشفوا أن إلياس العماري يتحكم في الحزب

ماذا تقول لهم بعد أن أعلنوها مدوية واستقالوا

هاهاهاهاهاها

يا لها من نكتة

وماذا كنتم تعتقدون

من