بقلم: علي بوزردة

كان أستاذ التاريخ والجغرافيا يشرح لنا بشغف كبير، ونحن في فصل من فصول الإعدادي، كيف أن المملكة المغربية الشريفة صمدت في وجه الغزو العثماني “لعدة قرون” وواجهت أطماع ساسته بحنكة وقوة واستماتة، بفضل وحدة صف الأمة المغربية وغيرتها على حماية الوطن ومقوماته الثقافية والروحية.. تذكرت هذه الصور التاريخية وأنا أتفحص إحدى الجرائد الموالية لحزب المصباح، تتحدث عن “رسالة” بلّغها دبلوماسي نيابة عن الرئيس التركي الطيب أردوغان، لأعضاء قياديين في حزب البجيدي (مع صورة التقطت لهم الى جانب الدبلوماسي بالرباط) يطالب السلطات المغربية ب “الإغلاق الفوري” لمدارس گولين Fethullah Gülen المعروفة ب “مدارس الفاتح” منذ ١٩٩٤،والمتواجدة بخمس مدن بالمملكة.. وگولن هذا، الذي يريد أردوغان “أن يشرب دمه” ويقطع رأسه، يعيش كمعارض سياسي في المنفى بأمريكا، بينما المغرب دولة ذات سيادة ، والبجيدي منذ وصوله الى دواليب السلطة سنة ٢٠١٢، يقوم بتسيير المرافق العمومية ضمن مجموعة حكومية رباعية الأطراف، وأن رئيس الدولة المغربية: هو الملك محمد بن الحسن بن محمد، الله وَلِيُه.

وبالتالي فمهما كان طرف من الأطراف السياسية داخل البلاد يسبح باسم العدالة والتنمية “العثمانية” ، فالمغرب بلد مستقل وله سيادة، ولا يتلقى ولن يتلقى يوماً من الأيام، “أوامر” من “شيخ” كانت البارحة “سلطته” في مهب الريح، وأصبح اليوم بقدرة قادر يطالب بأشياء غريبة، غرابة وقاحته ، بالرغم من المساندة العلنية والشجاعة من طرف المملكة المغربية لحكومته، وتنديدها بالعنف السياسي للعسكر التركي.. ولقد قالت العرب قديماً: “إن لم تستحي فاصنع ما شئت” ..

يبدو والله أعلم بالغيب، أن قيادة حزب المصباح، لربما فطنت للخطأ فحاولت أن تصلح “الجرة”، فمررت رسالة أخرى أو رسالتين عبر النيت، مفادهما، أن لأستاذ بن كيران “منزعج” من حملة الاعتقالات والقمع الممنهج الذي أمر بهما الشيخ أردوغان ، مباشرة بعد فشل الإنقلاب، والتي شملت آلاف الأشخاص من مدنيين وعسكريين و قضاة ورجال أمن، وأطر داخل الدولة
بلغ لحد الآن أزيد من عشرة آلاف شخص) خطأهم الوحيد هو أنهم “لا يسحبون باسم حزب العدالة والتنمية في تركيا”..

السؤال : متى كان الإخوان المسلمون” ينزعجون من تعنيف خصومهم والرمي بهم في غياهب السجن بل وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ؟ النموذج لا زال عالقا بالأذهان.. كان أيام الرئيس “الإخواني”، محمد مرسي في “القصيرة” (بمصر، من صيف ٢٠١٢ الى صيف ٢٠١٣) مع كامل الأسف، لأننا كنّا نتمنى أن نعرف كيف سوف تتطور الأمور في “أم الدنيا”، قبل تدخل العسكر ؟

ومهما يكن من أمر، فهناك العديد من نقط التلاقي وأوجه الشبه في تدبير الأمور رغم اختلاف في المنهج “نسبياً”، لكن الهدف واحد: أسلمة الدولة عاجلاً أم آجلاً.. وهو حلم الإخوان المسلمين منذ زمان … وأردوغان انقض على فرصة ” الانقلاب العسكري الفاشل”، فانقلب على كل ما هو ليس من طينة حزبه أو متعاطف معه قديما وحاضراً ومستقبلاً…

وهو الآن يتحرك بسرعة تكاد تشبه “سرعة الضوء” ، بل يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ِفي سياق ما أصبح يطلق عليه “عمليات التطهير” الواسعة النطاق من أجل إرساء قواعد حكم حزبه الوحيد، أي دكتاتورية واضحة المعالم، تذكرنا بفرنكاو وموسوليني وستالين وغيرهم من الحكام الذين كانوا يتوهمون أن الآلهة بعثتهم لإعادة “النظام والانتظام” على وجه البسيطة، بل هم ” فوق ” بني البشر، مثل السوبرمان..

لكن هيهات.. تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن ولا ربابنتها، مهما أتوا من قوة وجبروت..

ملحوظة لها علاقة بالموضوع :
مساء الخميس قال السيد الخلفي عضو البجيدي والناطق باسم الحكومة في بلاغ : إن “حكومة المملكة المغربية تتابع بانشغال كبير تطور الوضع بتركيا”.. لكننا لم نسمع أي شيء عن موقف وزارة الخارجية من التدخل التركي فيً الشؤون الداخلية للمغرب ؟ بدون تعليق!

*** مدير موقع: Article19.ma