كود : يونس أفطيط//////

الربيع الاسباني كان مغايرا لذلك الذي عرفته عدة دول عربية، وإن كان متشابها من حيث الشكل، شباب غاضبون يخرجون إلى الشارع منادين بإسقاط الفساد ومحاربة العنصرية وإعطاء الحقوق للمهاجرين، تواجههم السلطات الامنية الاسبانية بالعصي والهراوات، هي حركة “بوديموس” أو ـ نستطيع ـ التي تحولت فيما بعد إلى حزب وحش يلتهم الاحزاب الكبيرة قبل الصغيرة.

حين كان الحزب الاشتراكي في الحكومة، وخلال بداية الازمة التي إجتاحت إسبانيا وجعلتها تتقهقر مثل رضيع ////أصابته ضربة برد شديدة، خرج الحزب الشعبي الذي كان في المعارضة، وأخذ في منح الوعود للاسبان بأنه سيعيد الاسبان إلى مكانتهم المرموقة في الساحة الأوروبية، وسيعيد ثقة المستثمرين للسوق الاسبانية التي كانت معروفة بأنها سوق خدماتية وفلاحية، وبمجرد صعوده إلى سدة الحكم بعدما تراجعت ثقة سكان الجارة الشمالية في الحزب الاشتراكي، ذهل للازمة التي أصيبت بها إسبانيا بعدما إطلع وبشكل دقيق على الاوضاع.

الحزب الشعبي الذي يعتبر حزب الاغنياء بإسبانيا، إعترف أن الازمة أكبر منه، لكنه سيحاول قدر المستطاع أن يقلل منها، وأن يجعل ترتيب الاسبان في مناخ الاعمال يتحسن، وكانت إستراتيجيته قبل دخول الحكومة مبنية على الاعتماد على المستثمرين ورجال الاعمال الكبير المنضوين تحت لواءه، لكنه إكتشف أن هذه خطة لن تكون لها فائدة في تغيير رياح الازمة وتحويلها إلى إنتعاشة إسبانية.

كان هذا واحد من أعرق وأقوى الاحزاب التي تسيطر على العديد من القطاعات في إسبانيا، وهي نفس الوعود التي يمنحها حزب “بوديموس” للشعب الاسباني، لكنها يزيد فوقها ما لا طاقة له به، إنه يعد الاسبان بدخل قار لأولئك الذين لا يملكون عملا إلى غاية إنتهاء الازمة، ويطالب كذلك برفع التأشيرة عن جميع بلدان العالم، “بوديموس” والتغطية الصحية لتشمل جميع من يوجد فوق الاراضي الاسبانية.

لقد إستطاع هذا الحزب الفتي الذي أسس في يناير 2014 أن يزاحم الاحزاب الكبيرة، وتشير جميع إستطلاعات الرأي أن الاسبان يثقون فيه، إنهم يرغبون في حزب بوديموس كمسير مقبل للحكومة.

في الانتخابات البلدية الاخيرة التي جرت في إسبانيا إستطاع بوديموس أن ينافس كبار السياسيين بعدما حصل على 134 مقعدا في عموم المجالس البلدية التي ترشح فيها أعضاءه، كما أنه إستطاع سنة 2014 أن يحجز 5 مقاعد في البرلمان الاوروبي من أصل 54 مقعد ممنوحة لإسبانيا، محتلا بذلك الرتبة الرابعة متفوق على العديد من الاحزاب.

حزب الثوار الجدد، الذين يتخذون من كلمة “نستطيع” شعارا لهم، مؤكدين أنهم يستطيعون تغيير كل ما هي سيء للافضل، سيقودون إسبانيا في حال فوزهم بالانتخابات التشريعية القادمة إلى نفق مظلم، فقد جرب الحزب الشعبي قبلهم كل ما يمكن تجريبه، لكنه أعلن بعد ذلك أنه لن يستطيع تقديم شيء لإسبانيا غير الحفاظ على ماء وجهها أمام المنتظم الدولي، وتبقى القضية الاكثر سخونة بين الاسبان والمغاربة هي قضية الصحراء والتي يؤيد فيها بوديموس البوليزاريو، ويؤكدون أنهم سيدافعون عنهم بكل قوة بمجرد الوصول إلى سدة الحكم، هذا أمر آخر جربه الحزب الشعبي وتأكد أن الخوض فيه سيشكل أزمة مع المغرب الذي أصبح حليفا إستراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه.