الرئيسية > آراء > باش تفهمو: امتحان 4 شتنبر 2015. على من نصوت؟
03/09/2015 11:41 آراء

باش تفهمو: امتحان 4 شتنبر 2015. على من نصوت؟

باش تفهمو: امتحان 4 شتنبر 2015. على من نصوت؟

اسماعيل المكناسي الرباط /////

عادت الروح للسياسة ببلادنا وتحولت الانتخابات الجماعية التي ستبدأ يوم الجمعة 4 شتنبر 2015 إلى انتخابات سياسية بامتياز. هكذا كان يفترض أن تكون منذ 2012، فهي للتذكير كانت في الأصل انتخابات سابقة لأوانها، بعد نجاح حركة 20 فبراير في إسقاط الحكومة ومجلس النواب السابقين، وتشريع دستور جديد للبلاد. لكن ميزان القوى لم يسعف الحزب الحاكم في تنظيم هذه الانتخابات في سنة 2012، وظلت تتأجل إلى أن حل موعدها الطبيعي، وفقا للدستور القديم، أي هذه السنة. اليوم يقف الشعب المغربي، في تجربته الفريدة من نوعها للانتقال الديمقراطي، أمام امتحان هام.

تتجلى أهمية هذا الامتحان في كونه مناسبة سانحة لتحصين الديمقراطية التمثيلة. من نافل القول أن بلادنا ما تزال متخلفة عن العالم المتحضر لكونها لم تنجح بعد في تأسيس دولة الديمقراطية التثميلية على أنقاض النظام القديم، الذي أدى بنا نحو السقوط المريع في التخلف والاستعمار، والنظام الحالي القائم على استمرار الازدواجية بين الأصالة والمعاصرة، الأصالة المتمثلة في سلطة القرار المخزني الذي لا يناقش ولا يحاسب عليه أحد، والمعاصرة المثملثة في سلطة القرار التشريعي والحكومي والمحلي النابع من سياسيين منتخبين معرضين للحساب عند انتهاء مدة ولايتهم، والرقابة المستمرة من طرف المعارضة في المؤسسات التمثيلية.

إذا تشكلت تحالفات طبيعية لتسيير مجالس المدن والجهات بعد الانتخابات المباشرة ليوم 4 شتنبر، دون أن تتدخل فيها أجهزة الإدارة، كما حدث بشهادة الكثيرين في 2003 و2009، ستمةن بلادنا قطعت شوطا حاسما على طريق توسيع سلطة الإرادة الشعبية، وإذا حصل العكس سنظل ندور في نفس الحلقة التي أدت إلى أحداث 2011.

إن استمرار هذا التخلف عن تأسيس الديمقراطية التمثيلية هو الذي يجعل النقاش السياسي في بلادنا، على العموم، بعيدا عن جوهر السياسة، أي الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تحدد مصيرنا. إذا نجح الناخبون في امتحان 4 شتنبر سيمنحون أنفسهم فرصة أكبر للمشاركة في القرار، حول نظامهم الضريبي، نظامهم للحماية الاجتماعية (غير الموجود بعدḷ)، مخططهم الأخضر الفلاحي، مخططهم الصناعي، مخططهم الأزرق الصناعي، استكمال وحدتهم الترابية، نموذجهم التعليمي…

هذا التخلف عن تأسيس الديمقراطية التمثيلية الكاملة تأسيسا لا رجعة فيه، هو الذي يجعل التمايز القائم اليوم بين الأحزاب على أسس غير واضحة تماما، تختلط فيها مواقفهم من الديمقراطية التمثلية، نفسها، هل هم معها أم ضدها؟ ومواقفهم من الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى (إن وجدتḷ). لذلك، ومن خلال الحملة الانتخابية القوية التي تابعناها إلى غاية اللحظة، ومن خلال تجربة الأربع سنوات الماضية في عمر هذه الولاية التشريعية، يمكن التمييز بين ثلاثة اختيارات كبرى معروضة اليوم أمام الناخبين:

تيار العدالة والتنمية:
يتصدر المشهد السياسي المغربي منذ بضع سنوات، ويجعل تأسيس الديمقراطية التثميلية همه الأساسي، لأنها ببساطة وسيلته نحو النجاح، إذ هو في خط انتخابي تصاعدي منذ أول انتخابات شارك فيها سنة 1997 وإلى غاية انتخابات 2011. يضع هذا التيار – إذ هو تيار في الدولة والمجتمع وليس الحزب سوى واجهته الأمامية – على عاتقه مهمة أساسية تتمثل في مواجهة تيار الأصالة والمعاصرة – وهو الآخر تيار في الدولة والمجتمع وليس الحزب الحامل لاسمه سوى واجهته الأمامية – باعتباره العائق الأكبر في وجه تحقيق هذه الديمقراطية التمثيلة المنشودة، ويستحضر على الخصوص أحداث سنة 2009 وما ميزها من تصدر هذا الحزب صدارة الانتخابات…

نجح تيار العدالة والتنمية في خلق جبهة واسعة تضم شخصيات من حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، المعارضين، إضافة إلى أغلبية المتحالفين معه في الحكومة، ويستفيد من الحضور النوعي لأمينه العام عبد الإله بنكيران، الذي استطاع إنطاق السياسة بعدما ظلت بكماء. معه أصبح لرئيس الحكومة صوت يسمعه الناس باستمرار، ويخوض معهم في بعض تفاصيل سياسته الاقتصادية التي ظلت طلاسم لا يفهمها الجمهور العريض لسنوات طويلة. بفضل هذا الأسلوب الفريد من نوعه في الساحة السياسية يستطيع الناخبون اليوم امتلاك ما يكفي من المعلومات والتفاصيل لتكوين رأيهم واختيار ما إذا كانوا سيصوتون لصالحه أم لا.

أما النجاح الأبرز لتيار العدالة والتنمية، فيتمثل في اتباعه المنهجية البراغماتية التي يبدو أنه استوعبها ويبرع فيها أكثر مما استوعبها اليسارḷ لقد تطور هذا التيار تطورا ملحوظا، فتراجع عن العناصر الرجعية في خطابه وبرنامج وأصبح يضع العناصر التقدمية في مقدمة خطابه. لم نعد نسمع عبد الإله بنكيران يرغد ويزبد مهاجما المدافعين عن حقوق المثليين أو حرية الفنانين في مهرجان البولفار… ولم نعد نسمع مصطفى الرميد يرغد ويزبد مهامجما فيلما سينمائيا أو مجلة تنشر صور امرأة بلباس البحر… تراجع هذا الخطاب الأخلاقي، خطاب الوصاية على المجتمع والتحكم في أفراده، لصالح خطاب الدفاع عن الديمقراطية التثميلية وتقليص عجز الميزانية وتوفير اعتمادات مالية للفئات الهشة (الأرامل، الطلبة…). إن تراجع الحزب، بذكاء، عن هذا الخط لا يعني أنه انتقل تماما إلى الديمقراطية العلمانية (المعنى الحقيقي للديمقراطية في الواقع وكما تشكلت في التاريخ الحديث لأوربا الغربية). إن مراجعة بعض عناصر أدائه في وزارة الاتصال (بعض جزئيات دفاتر تحملات الإعلام العمومي في نسختها الأولى)، وفي وزارة المرأة والتضامن، ووزارة العدل (مسودة القانون الجنائي الجديدة)… توضح أنه ما يزال مترددا بين خطه السياسي القديم، والخط الجديد الذي يمكن أن يقوده نحو أن يصبح نموذجا للحزب الإسلامي الديمقراطي، مثل الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا.

بيد أن نقطة الضعف الأساسية في أداء هذا التيار خلال الأربع سنوات الماضية من عمر هذه الحكومة، تتثمل في مسؤوليته، أو على الأقل صمته، عن الانتهاكات الخطيرة للحقوق المدنية والسياسية وحرية التعبير التي طالت العديد من الجمعيات والأحزاب والأفراد المعارضين طيلة سنتي 2014 و2015 على الخصوص. هذا التراجع الخطير مؤشر مقلق للغاية، حول طبيعة المستقبل الذي يريده هذا التيار لبلادنا. كأنه يسعى لتأسيس الديمقراطية التثميلية كي يستفيد منها بمفرده ولا بأس في أن يقمع الآخرون.

هناك نقطة أخيرة تميز هذا التيار عن التيار الثالث، وتتمثل في لبيراليته المفرطة على المستوى الاقتصادي. معه كل شيء معروض للخوصصة، حتى التعليم والصحة، الحقوق الأساسية لمواطنين يؤدون الضرائب للدولةḷ مقابل محاولات خجولة تأسيس نظام للحماية الاجتماعية، لا يمكن إنكارها وإن كانت في نفس سياق البرامج الموروثة عن الحكومات السابقة، لكنها مع تيار العدالة والتنمية أصبحت تقدم للمواطنين وفقا للمنطق الإحساني، وكأنها صدقات، في حين أنها حقوق طبيعية لكل فرد يعيش في دولة يؤدي فيها ضرائب لا حصر لها.

تيار الأصالة والمعاصرة:
البام

حاول هذا التيار تأسيس شرعيته على أساس أن التيار الأول رجعي يهدد “الحداثة”، وقد كان له في خطاب العدالة والتنمية بالفعل ما يبرر به هذا الادعاء. لكن سرعان ما ظهر أن هدفه الأول هو التحكم في الديمقراطية التثميلية، خاصة بعد ما حصل في انتخابات 2009، وأنه لا يقل أصالة عن تيار العدالة والتنمية. فإذا كان الأخير يعبر عن المحافظة والرجعية في تصوره للمجتمع والمرأة والأقليات… فإن الأصالة والمعاصرة يجسد المحافظة والرجعية في تصوره للدولة والشرعية الشعبية، دون أن يقدم في نفس الوقت ما يبرر به شعار الدفاع عن “الحداثة” ولو في جوانبها النخبويةḷ

أما النكسة الكبيرة لهذا التيار، فتتمثل في عجزه لحد اليوم عن الإجابة على السؤال الذي ظل يردده رئيس الحكومة منذ بضعة شهور حول الاتهامات التي وجهها له أمين عام حزب الاستقلال بخصوص ابتزاز تجار المخدراتḷ

كذلك عجز هذا التيار، رغم الإمكانيات الكبيرة التي جاء بها الدستور الجديد لصالح المعارضة البرلمانية، عن تقديم برامج بديلة واضحة حول الاختيارات الاقتصادية التي سلكتها الحكومة.

تيار اليسار الديمقراطي:
nabila monib

ظل هذا التيار في صدارة الصراع حول تأسيس الديمقراطية التمثيلية، بل كانت أحد أسباب نشأته الأولى سنة 1959 حين جعل اليساريون في حزب الاستقلال من مطلب “الحكومة المنسجمة” أحد شعاراتهم الأساسية. كان اندثار حزب الشورى والاستقلال خسارة كبرى للبيرالية المغربية، فوجد اليسار نفسه يجمع تناقضات وشعوب وقبائل لا رابط بينها سوى رفض الحكم المطلق للملك الراحل، وتأسيس ديمقراطية تمثيلية تجعل الملكية البرلمانية نموذج الدولة المغربية، مثل جميع الملكيات الديمقراطية في أوربا. في نفس الوقت كان هذا اليسار يسعى لبناء اقتصاد وطني تتحكم الدولة في توجيهه، بهدف التحرر عن الهيمنة الفرنسية، وتحقيق تنمية يمكن أن تعطي للاستقلال معناه. تاه اليسار في معارك طاحنة ومحاولات متعددة، سلمية وعنيفة، أدت به في النهاية إلى الانهيار بشكل درامي مع مطلع العهد الجديد وفشل التناوب التوافقي وتفكك الاتحاد الاشتراكي…

ثم زاد هذا الانهيار أكثر وأكثر مع فشل اليسار الرافض للتناوب في انتخابات 2007، فلم يستطع رموزه مثل محمد الساسي وعبد الرحمان بنعمرو والراحل أحمد بنجلون، إقناع بضع مئات من ناخبي الدائرتين اللتان ترشحا بها في الرباط.

لم تغير هذه الهزيمة المدوية شيئا من خيارات هذا المكون الصغير في اليسار، أي المعارضون لدستور 96 والتناوب والمشاركة في الانتخابات، فكانت أحداث 2011 محكا هاما لبرنامجهم. دعي المغاربة للاحتجاج في الشارع من أجل إسقاط الفساد والاستبداد، أي نفس شعارات هذا اليسار، فكان واضحا أن المستجيبين لندائهم قلة قليلة، وكانوا يظهرون معدودين على رؤوس الأصابع في المسيرات التي لا تشارك فيها وتعبئ لها جماعة العدل والإحسان.

اليوم يعود هذا اليسار بحيوية ملحوظة، وطموح كبير لتقديم عرض ثالث مختلف عن عرضي التيارين الأول والثاني. إمكانياته ضعيفة ومحدودة لكن رأسماله الرمزي يمكن أن يفتح أمامه أبواب التطور. إذا استطاع تقديم جواب واضح وشجاع حول الخيار الاقتصادي الكفيل بتحقيق النمو من جهة، وحماية حقوق المواطنين من حهة ثانية. لعل هذا الجواب هو الوسيلة الأفضل لتعبئة جمهور اليسار حول مشروع منظمة جديدة تنبعث من ركام المنظمات الصغيرة الفاشلة، وتنفتح على أفراد اليسار غير المنظمين في مختلف فئات المجتمع، وليس فقط العمال والكادحون، إذ مهمة اليسار في مجتمع متخلف عادة ما تكون مزدوجة: الديمقراطية الاجتماعية. أي المساهمة في نفس الوقت في تأسيس الديمقراطية التمثيلية، وقيم اللبيرالية (العلمانية، العقلانية، حرية المبادرة وامتلاك وسائل الإنتاج…)، وحقوق الأجراء والعمال.

سيجد هذا المشروع الطموح نفسه أمام سؤال أساسي، أي موقف يتخذه من التيار الأول، إذ يرفع مثله شعار تأسيس الديمقراطية التمثيلية، هل يتحالف معه أم ضده؟ لن يكون الجواب مفيدا إذ السؤال عقيم. السؤال المفيد هو: على ماذا يمكن أن يتفق أو يختلف اليسار مع الإسلاميين؟ إذا تعلق الأمر بتأسيس ديمقراطية تمثيلية ومحاربة الفساد فلم الاختلافḷ لكن إذا تعلق الأمر بقيم حقوق الإنسان، والعدالة والاجتماعية، فلا بد من المواجهة والإقناع.

بيد أن هذا المشروع الطموح يواجه عائقا إيديولوجيا مدمرا لأي مبادرة بناءة. السلفية والدوغمائية التي تجعل اليسار، في عمومه مشدودا للماضي ويبني مواقفه بناء على ما يجب أن يكون وليس وفقا لما يتيحه الواقع، بينما نجح الإسلاميون بشكل مدهش في استيعاب البراغماتية التي تجعلهم يبنون مواقفهم على الإمكانيات ومبادئهم على القناعات.

موضوعات أخرى

28/03/2024 09:00

محكمة فالصبليون برأت المتهمين فقضية لكسيدة اللي ماتو فيها 8 ديال المغاربة ف اسبانيا عام 2008

28/03/2024 07:00

سمية الخشاب دخلات طول وعرض فبرنامج الكاميرا الخافية ديال رامز جلال: هادي جريمة كيعاقب عليها القانون

28/03/2024 03:00

السروال ديال مقدم برنامج بريطاني داير أزمة فكوريا الجنوبية.. ها شنو دارت القناة ديالهم- فيديو

28/03/2024 02:00

مصور عندو 71 عام اتاهم الوالد ديال تايلور سويفت أنه تعدا عليه بالضرب ملي كان كيصورها