الرئيسية > آراء > الرقابة الشعبية في مواجهة الفساد ومشكلة الشعبوية
24/07/2016 16:45 آراء

الرقابة الشعبية في مواجهة الفساد ومشكلة الشعبوية

الرقابة الشعبية في مواجهة الفساد ومشكلة الشعبوية

هشام اعناجي//

معطى آخر ينضاف الى الإصلاحات الدستورية والسياسية والاجتماعية التي انخرط فيها المغرب منذ حراك 20 فبراير، لم يكن يعلم أحد أنه سيحل في الكثير من الأحيان مكان المؤسسات الرقابية بما فيها البرلمان بغرفتيه والقضاء كذلك، إنه معطى الرقابة الشعبية الذي صار في اعتقادي جزءا من المبادئ الأربعة لدستور الممملكة، فبالاضافة الى الملكية والمرجعية والاختيار الديمقراطي هناك كذلك الشعب الذي لا نعرف متى يتحرك ومتى يستيقظ ومتى يحتج ومتى يصفق.

هذا المعطى يتعلق اولا بازدياد مستوى الوعي السياسي لدى شريحة كبيرة من المجتمع المغربي، واهتمامه الكبير والملفت للنظر والتأمل للقضايا الأساسية في المشهد السياسي والحزبي، ويتعلق كذلك بالدور الكبير الذي لعبته الوسائط الاجتماعية في اثارة العديد من ملفات الفساد، لكن مع التأكيد على ملاحظة أساسية وهي أن بعض هذه المعارك التي تخوضها الجماهير الفايسبوكية لا تنم عن حالة اليقظة التامة وتكون غالبا بدون استحضار كافة المعطيات التي تغيب عنها ودون استحضار للظرفية السياسية آلتي لا تتوافق مع طبيعة المعركة، بذلك تكون معارك العالم الأزرق مضرة بالاصلاحات التي تخوضها أحزاب اصلاحية صادقة وتتحول بذلك الى معارك شعبوية تستغلها أحزاب سياسية معادية للإصلاح لتروج لخطابات ” العدمية في اي إصلاح تطلقه الحكومة” مثال على ذلك إصلاح أنظمة التقاعد التي أنقذت الدولة والموظفين في أزمة حقيقية، سيكون عنوانها في المرحلة المقبلة ” زيرو فلوس في صناديق التقاعد” وبالتالي سنعيش أزمة حقيقية قد تكلف البلاد والعباد الكثير من المصائب لا قدر الله أن تدخل البلاد في موجة احتجاجات عارمة قد تفقد الاستقرار الذي تنعم به بلادنا، مثال اخر يكشف شعبوية معاركنا الفايسبوكية هو مثال المطالبة بإلغاء تقاعد الوزراء، دون استحضار أي معطى موضوعي في هذا الجانب، أولا قصة تقاعد الوزراء تعود الى وزير داخلية سابق عندما توفي لم يستطيعوا الناس أن يخرجو نعشه من بيته نظرا لضيقها وصغر حجمه، ولما بلغ الأمر الحسن الثاني قرر انشاء صندوق التقاعد لفائدة الوزراء، وبالتالي فمثل هذه المعارك الشعبوية والفوضوية لا تخدم مسار الإصلاح وتعرقل سكة التغيير في البلاد.

وبالعودة الى تعريف الشعبوية، كما تعرفها ادبيات علم السياسية “يُطلق وصف الشعبوية على نزعة في التفكير السياسي تجنح لتقديس الشعب وحسبانه مستودع الحقيقة المطلقة ومناط الخلاص النهائي من شرور العالم”، هذا التعريف كافي لدق ناقوس الخطر على مشكلة كبيرة قد تؤدي الى فقدان مناعة التحليل الموضوعي وقد ينجر اليها بعض المثقفين والسياسيين لأنها آتية من الشعب فقط دون النظر هل هي منطقية ومعقولة.

بمعنى أنما يقوله الشعب – في عُرف دعاة هذه النزعة – هو القول الحق الذي ما بعده قول موثوق، وما يفعله هو أقوم الأفعال وأرشدها وأشدُّها تعبيراً عن المصلحة التي لا يُخطئها إلا هالك، على تعبير عبد الاله بلقزيز، كما أنه ليس على المثقفين أو الأحزاب والنقابات تثقيف الشعب أو إرشاده الى مصالحه أو تنظيمه في أطر العمل العام، وإنما تلقّي الحقيقة منه، والتعلُّم من خبرات، والإصغاء الى نبضه، والتنزل بمنزلته في الفعل والسلوك، والكينونة على مثاله في التنظيم كما يفعلون اليوم في إصلاح التقاعد والمطالبة بإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين دون علم بأن اعتى الديمقراطيات في العالم توفر لممثلي الشعب ونوابها كافة الإمكانيات المالية والمادية بما فيها موظفين يشتغلون لحسابهم، وهذا ما لا نجده في برلماننا وأتساءل لماذا لا تطالب هذه الحملات بإعطاء المزيد من الإمكانيات للبرلمانيين والوزراء مع تقييدهم بالحكامة الجيدة.

بعيدا عن هذه السلبيات التي ذكرت بخصوص الشعبوية التي ترادف الفوضوية والعفوية التنظيمية والتجريبية القاتلة في التفكير، وهي جميعها أمراض لازمت العمل السياسي منذ القرن التاسع عشر في الغرب فأنتجت حالات سياسية باثولوجية من طراز الفوضوية النقابية، والعدمية، والبلانكية، والنازية، وسواها مما انتقده مفكرو السياسة الكبار في القرن العشرين، وهذا ما يجعلنا نكرر ما ذهب اليه العروي حتمية التأورب وحتمية التاريخ، لكن مع تسجيل ملاحظة مهمة في حالات اخرى معاكسة يتم تحويل هذه الشعبية في صالح الإصلاح في بعض الأحيان.

في المقابل، كما قلت أن هناك من يوجه الشعبوية لصالح الإصلاح ومحاربة الفساد، هنا أعطي 3 أمثلة مهمة ومحددة أبرزها تجهيز منزل عامل إيفني بالأثاث، ثانيها فضيحة الازبال الإيطالية التي كشفت وجه من أوجه غياب الحكامة والتنسيق بين القطاعات الحكومية وأوضحت لنا وجود وزراء يفعلون ما يشاءون دون رقابة حكومية ودون مشاورة رئيس الحكومة، الحالة الثالثة تتعلق بوجه من أوجه التحكم الاداري والفساد العقاري وهي حالة جهة الرباط، في هذه استطاعت الرقابة الشعبية أن توجه الرأي العام لصالح الحكامة والإصلاح.

وبالتالي اليوم المعركة ليس مع وزارة معينة أو والي أو مؤسسة سياسية، بل الصرع الحقيقي هو في نقل معارك الفايسبوك وتوجيهها توجيها عمليا يخدم مسار الإصلاح ويفوت الفرص على التحكم لكي لا ينقبض على الانتقال الذي انخرطت فيه بلادنا بلا هوادة منذ خطاب 9 مارس.

موضوعات أخرى

25/04/2024 12:00

الإنديبندينتي: جهود البحث عن المافيوزي كريم بوياخريشان كتركز بشكل رئيسي على المغرب وها الوجهة الثانية اللي يقدر يهرب ليها

25/04/2024 11:50

أزرو.. هجوم على صبيطار وتجهيزات دكدكات وأطر طبية وإدارية تعرضات للسب والتهديد بالسلاح

25/04/2024 11:30

استثمار مجموعات سياحية عالمية ف مشاريع الأوطيلات بالمغرب مطير النعاس من المهنيين ديال السياحة فجزر الكناري

25/04/2024 11:20

لونكيط خدامة مع رئيس جماعة بنسليمان.. الفرقة الوطنية سمعات ليه جوج مرات ف 3 أيام وخدات وثائق من الجماعة

25/04/2024 10:30

ولد الغزواني علن ترشحو للإنتخابات الرئاسية فموريتانيا وباغي يواصل تكريس مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل