حميد زيد كود ////

يقاطع إلياس العماري الانتخابات في المساء، ثم ينام، ويستيقظ، ويعود إلى المشاركة فيها في الصباح.

ماذا يعني هذا.

يعني أن العرق دساس.

أي أن رفيقا كامنا مازال يسكن في إلياس العماري، وفي عدد من قيادات الأصالة والمعاصرة، وعند أول مواجهة مع خصم، يخرج المقاطع منه، ويكتب بيانا، ويندد بالبلطجة والسيوف والهراوات،” إلى غاية توفر الشروط الأمنية”.

والذي عاش لفترة مع طلبة اليسار الجذري في المغرب يعرف قصة الشروط هذه، وهي دائما غير متوفرة، خاصة ذلك الشرط الجماهيري.

فالطفل أبو الرجل، كما يقولون في علم النفس، ودون أن يدري البام، يخرج منه حزب النهج في الحسيمة، وإلى الأمام، والقاعديون.

لكنهم يقاطعون لدقائق فقط. ثم يعودون إلى المشاركة، ويدبجون بيانا على عجل، وسرعان ما ينسخونه، على عكس القابضين على الجمر في حزب النهج، الذين يقاطعون إلى الأبد.

وفي وقت يترقب فيه الجميع ماذا سيحدث في الحسيمة، استبقهم إلياس وقاطع الاستحقاقات، وقبل أن يتهموه اتهمهم، وخلال ساعات توفرت الشروط الأمنية، وعاد المرشحون المعتدى عليهم ليشاركوا كأن شيئا لم يكن.

وهذه من حسنات أن تكون منتميا إلى حزب اسمه الأصالة والمعاصرة، لأنك بالأصالة تشارك في الانتخابات، وبالمعاصرة تقاطعها عند الحاجة، وعند غياب الشروط.

وبين عشية وضحاها، عشنا كل المواقف مع البام في الحسيمة، وهذا كله بفضل اليساري السابق الكامن في إلياس العماري ورفاقه، والذي يظهر في اللحظة المناسبة، وعلى عكس وثوقية النهج، فهو يقاطع مؤقتا، وقبل أن ينتشر الخبر، وقبل أن يعلم به الناس، يشطب على البيان الأول، ويكتب آخر جديدا.

لكن الغريب في هذه الاستحقاقات، والذي لا يجعل من فرضية العرق الدساس صحيحة دائما، هو تهديد معظم الأحزاب بالمقاطعة.

حتى الاتحاد الدستوري

حتى التجمع الوطني للأحرار

حتى الحركة الشعبية

يهددون بمقاطعة الانتخابات في فاس، موجهين الاتهام إلى حزب الاستقلال، الذي قالوا إنه يوزع الأموال أمام مكاتب التصويت.

ومن المستبعد أن يكون هناك نهجوي سابق في الحركة الشعبية أو الاتحاد الدستوري، لكنهم يقلدون حزب النهج، ويرددون معه:

يا مغربي يا مغربي يا مغربية

الانتخابات عليك وعليا مسرحية.

يقلدونهم مؤقتا.

وبعد دقائق يعودون هم أيضا إلى المشاركة في هذه “الحرب”الجماعية، والتي يستعصي فهمها على كل المحللين والخبراء، والتي تستعمل فيها كل الأسلحة، ويستنجد فيها حزب، يتهمونه، بأنه مدعوم، بالسلطة لتنقذ مرشحيه، ويرفض فيها حزب الاستقلال أن يسلم قلاعه لمنافسين آخرين، ويظهر أن الماضي مازال يحكم الحاضر، وأن تعقد شبكات المصالح والامتيازات، أقوى من كل ما نسمعه من خطابات، وأن تراكمات الماضي أقوى من الدولة ومن الأحزاب، وفي كل مدينة وكل إقليم توجد سلطة عميقة، لا علاقة لها بالمركز، وهي مستعدة لإعلان الحرب والعصيان على أن تستسلم لواقع جديد آخذ في التشكل، والحزب الضحية في منطقة ما هو بلطجي في مكان آخر، والذي يحتج هنا ويهدد بالمقاطعة، يوزع المال هناك، وهكذا، وهكذا، يختلط كل شيء بكل شيء، وينكشف المغرب على حقيقته، وتبدو حملة بنكيران مثيرة للضحك، وما يسعى إليه إلياس العماري ليس سهل التحقيق، أمام رجالات الماضي وأمام أحزاب وأشخاص سبقوا البام والعدالة والتنمية، وخاضوا انتخابات ادريس البصري، ومخطىء من يتصور أنهم سينسحبون بهذه السهولة.

لكننا نتدرب على الديمقراطية.

وفي الانتخابات التشريعية سيكون لنا شعب أفضل من هذا الشعب ومرشحون أفضل.

وسنتقدم

وقد لا يهدد أحد بالمقاطعة

وقد يختفي ذلك العرق

شرط أن تمر الأمور اليوم بسلام

وبأقل الخسائر

وشرط أن لا تندلع حرب الجماعات والجهات

ولا يسقط ضحايا

ونبقى على قيد الحياة.