الرئيسية > آراء > الإرهاب في بلاد تانتان! كيف يظهر التطرّف في دولة مصنوعة من الضحك واللعب وخيال الأطفال
23/11/2015 18:33 آراء

الإرهاب في بلاد تانتان! كيف يظهر التطرّف في دولة مصنوعة من الضحك واللعب وخيال الأطفال

الإرهاب في بلاد تانتان!  كيف يظهر التطرّف في دولة مصنوعة من الضحك واللعب وخيال الأطفال

حميد زيد كود////

لا تمنحك بلجيكا أي فرصة لتعاديها، ومهما جربت، فلن تنجح.

كل شيء فيها يضحك.

وأبطالها هم تانتان، ولوكي ليك، وسبيرو، والسنافر، وعشرات الشخصيات الكرتونية التي يعرفها العالم أجمع.

بلد ثقافته هي الرسوم المصورة. والسخرية، واللعب، صعب أن تتخيل أجنبيا فيه، وغريبا، وشخصا يرفض أن ينتمي إليه.
إنها دولة صغيرة.

وعمرها. كم يبلغ عمر بلجيكا.

إنها لا تتجاوز القرنين.

مثل شيخ أو عجوز عمرا طويلا.

كل شيء فيها يبدأ للتو، وما يبدو ضعفا، هو في الحقيقة قوة.

وقد تفكر أن تتطرف، وأن تصبح متشددا، لكن بلجيكا تمنعك، وتسخر من نفسها، ومنك، وحتى وهي تعيش أزمة سياسية، فقد عرض أحد مواطنيها دولته للبيع في أحد مواقع الأنترت، المخصصة لبيع القطط والكلاب والأثاث.

البلجيكي يقتله الجِد، ويقتله الإيمان الأعمى، ولا يترك فرصة تمر دون أن يضحك ويتهكم.

وأسهل شيء هو أن تصبح بلجيكيا، وكيفما كان دينك وهويتك، لأن البلجيكي نفسه يشعر أنه هجين ومختلط، ودولته ليست واقعية، وحديثة، وطرية، وممزوجة، وسوداء وبنية وبيضاء، مثل لوحة شوكولاتة.

البلجيكي لا يعرف من هو، ويسخر الفرنكفوني من اسمه الفلاماني، والعكس أحيانا، ويحاول أن ينتمي، فيتراجع.

إنه بين بين، وفي مفترق الطرق، ولذلك بإمكان من أراد أن يكون بلجيكيا.

وبين دول عريقة وقوية تحيط بها، توجد بلجيكا مثل عقلة أصبع، مثل رموز ثقافتها المصنوعين بأقلام الرصاص وريشة رساميها المشهورين.

مثل قصة مصورة في ألبوم، ومثل خيال، ومثل حلم، ولذلك ربما يسكن فيها الاتحاد الأوربي، وتقطنها مؤسساته.

ولا تبحث عن أصل، وقد تركته للكبار، وصنعت لها تاريخا ورموزا من الضحك والسخرية واللعب.

وآلهتها تضحك هي الأخرى.

كل ما هو جدي ومتجهم تدغدغه فينقلب على قفاه ويأخذ صورة أخرى ومعنى آخر.

وعندما تزورها، تمنحك تذكارا عبارة عن طفل صغير يتبول، مصنوع من الحلوى ومن الشوكولا ومن النحاس ومن أي شيء.
وتمنحك الشوكولا.

بلجيكا ليست بلجيكا، إنها مثل غليون رسامها الشهير ماغريت.

هذه ليست بلجيكا.

إنها طفل صغير يشرشر بعضوه.

وتضحك أنت أيضا وأنت تراه، وتستغرب أنت المثقل بالماضي والتاريخ والأصل والهوية، من رمزية اللعب والطفولة والشوكولا ومن النافورة التي تتبول.

وتنسى أنها مملكة، وعندما يصيبها داء الانتماء والهوية النقية والعرق، تكاد تذوب بلجيكا في جيرانها، وتنقذ نفسها بالضحك، هذا السلاح الخطير، الذي يحمي من كل الأخطار.

وكما لها هويتنان ولغتان، فإن السرنفة توحدها، تلك اللغة التي يتكلم بها السنافر، والتي انتقلت إلى كل العالم، وتعلمها كل الصغار.
لا يوجد تاريخ في بجليكا، ولا يوجد أصل، ولا توجد رموز، ولا نعرفها بجان دارك، أو بالملوك، أو بالحروب، أو الشهداء، بل بأبطال من نوع خاص.

وإن لم يكن هذا صحيحا، فعلى الأقل هو الصورة التي كوناها عنها.

وأبطالها هم تانتان وسبيرو ولوكي ليك والسنافر.

ومعظم عباقرتها ومبدعيها وفنانيها ولدوا معنا، وكبرنا معهم، وكل شيء فيها جديد وخفيف الظل ولا يحتمل التهجم، كأنها نموذج دولة بلا ماض ولا أصل، ومولودة من أجل الإنسان اليوم، ومن أجل الأطفال، ومن أجل السعادة واللعب، ومن أجل العالم المعاصر.

و تضيق بلجيكا على أبطالها ، فيسافرون إلى بلاد السوفيات، وإلى أمريكا رعاة البقر، ومن كثرة سفر هؤلاء الأبطال وترحالهم ينسى الناس أصلهم.

يتحدث بعض المبدعين البلجيكيين عن حزن كامن في الشخصية البلجيكية، وتحاربه بالضحك، وعن هشاشة لا تحتمل العزلة وخطاب الهوية، فينفتحون على الآخر.

إنها سوداوية كامنة في صوت جاك بريل وكلمات أغانيه، وداخل الحزن، هناك سخرية وتهكم وضحك من الذات أولا.

ولم يكن يقدر أن يحزن على طول.

ولم يكن يصبر إلا وقد تحول إلى بهلوان.

ولذلك صنعت بلجيكا عوالمها الموازية، وصنعت أبطالها.

وصنعت روحها المرحة.

وثقافتها المرحة.

تفاحة في الرأس، وقبعة لرجل بلا رأس، ورجال يهطلون من السماء كالمطر في أعمال ماغريت.

أما هنري ميشو فحكاية لوحده.

لقد خلق العالم من جديد، وخلق البلدان، وخلق الشعر، وخلق الكائنات، وخلق الكلمات، وخلق لغة جديدة، وجعلها تشبه بلجيكا.

وحين يظهر إرهابيون في بلجيكا، وحين يسمع العالم كله بمولنبيك، وحين يطالب إريك زمور بقصف هذه المنطقة، فاعلم أن الأرهاب لا تبرير له، ولا دافع، ولا أسباب إلا كونه إرهابا وقتلا.

وقد يخرج إرهابي من وردة.

وقد يكبر في العسل.

وقد يتفجر في أغنية جميلة، وقد ينتقم من حقل أخضر.

مادام قد كبر وترعرع وخرج من ظاهرة اسمها بلجيكا

وخرج من اللعب

ومن الضحك

ومن السخرية

ومن دولة مصنوعة من خيال الأطفال

ومن أبطالهم

ومن ولد صغير يتبول

يباع تذكاره

في كل مكان

مع الخبز

ومع الشوكولاتة

والإنجيل.

موضوعات أخرى

19/04/2024 13:00

ناس تندوف هدموا أطروحة البوليساريو: ما كاين لا عِزة لا كرامة وكاين غير التعذيب والتقتيل والاختطاف

19/04/2024 12:43

الوكيل العام ففاس قرر تمديد فترة الحراسة النظرية فحق الشبكة اللي كيتزعها سوري ونصبات على بنات ففاس لاستغلالهن فالدعارة

19/04/2024 12:31

مندوبية التخطيط: حوالي 97 فالمية من الأسر المغربية صرحوا باللي أسعار المواد الغدائية طلعات فعام 2023

19/04/2024 12:22

الشبكة اللي نصبات على بنات ففاس لتسهيل استغلالهن فالدعارة خارج لبلاد تقدمات للوكيل العام والنيابة العامة بدات تستنطق المشتبه فيهم

19/04/2024 12:16

مندوبية التخطيط: 55,9 % من الأسر المغربية صرحات باللي مداخليها كتغطي مصاريفها و42,3 فالمية دارت لكريدي

19/04/2024 12:10

مندوبية التخطيط: 83,6 فالمية من الأسر المغربية صرحات بارتفاع مستوى “البطالة” عام 2024

19/04/2024 12:07

لقاو عندهوم فلوس كثيرة فاتت مليون ونصف مليون درهم.. توقيف بزناسة فالشمال كيبيعو لغبرا (صورة)