الرئيسية > آراء > إذا كان المقرىء أبو زيد مجاهدا، فأنا شهيد، شهيد، شهيد! كم ضحيتُ وناضلت وتعذبت من أجل فلسطين، ولم يستقبلني يوما أحد في المطار
03/07/2015 11:52 آراء

إذا كان المقرىء أبو زيد مجاهدا، فأنا شهيد، شهيد، شهيد! كم ضحيتُ وناضلت وتعذبت من أجل فلسطين، ولم يستقبلني يوما أحد في المطار

إذا كان المقرىء أبو زيد مجاهدا، فأنا شهيد، شهيد، شهيد!  كم ضحيتُ وناضلت وتعذبت من أجل فلسطين، ولم يستقبلني يوما أحد في المطار

حميد زيد كود ت ايس برس////

إذا كان ضروريا أن نتنابز بالألقاب، فأنا المجاهد الأول، وأرفض أن يجاهد أحد علي، وما قمت به من أجل فلسطين والسنين التي بدددتها من عمري خدمة للقضية تجعلني أتفوق على المقرىء أبو زيد.

وإذا كان المقرىء قد سمح لنفسه بأن يستحوذ على اللقب لوحده، فأنا لست مجرد مجاهد، بل شهيد، شهيد، شهيد.

ولم أفكر يوما أن أمدح نفسي، و كنت أناضل وأضحي ولا أتبجح على أحد، ولا ألتقط الصور، ولا يساعدني أحد، ولا تركيا ولا قطر ولا جزيرة ولا كاميرا.

ماذا الذي سأحكيه، وماذا أقول. لقد كنت أسطورة، ولقب مجاهد قليل في حقي، وفي وقت كان فيه أقراني يلعبون، كنت أغلق علي غرفة صغيرة، وأقعد أجاهد وأجاهد، وفوق رأسي، معلقة، بندقية حركة فتح الشهيرة.

وكنت أسجن نفسي، وأغلق الباب بالمفتاح، وأتعرض لتعذيب من مغن اسمه مصطفى الكرد، الذي كان ينحر عوده، ويدندن، وبعد ذلك يأتي فنان فلسطيني آخر اسمه أبو عرب، ويبكي ويتأوه وأنا أذرف الدموع معه، فتسرط المسجلة شريط الكاسيت، وأخرجها وأرقعها بطلاء الأظافر الذي أسرقه لأختي، أو بالعلك، وألولب الشريط بقلم بيك، فأعرق وأثور وأقاوم مع المقاومة الفلسطينية وأحلم أني أختطف الطائرات مع ليلى خالد.

ولن تتخيلوا جهادي في ذلك الزمن، حين كان الجهاد صادقا ولا صور فيه، بأن أستمع إلى سعيد المغربي ساعات وساعات، ثم الشيخ إمام، وأنادي معه على الفلسطينيين، وأنوع وأجاهد بنفس الأغنية مع أحمد قعبور وبصوت مجموعة العاشقين، وأظل أقول في سري أناديكم أناديكم أشد على أياديكم.

وأتحدى أي مجاهد اليوم أن يستمع لأعوام لسعيد المغربي أو مصطفى الكرد، كما فعلت أنا، وجربوا وستصابون باكتئاب حاد وبطنين مزمن في الأذن.

ولم تكن حركة حماس موجودة آنذاك.

وكنت أجاهد كل مرة مع فصيل فلسيطني، وتارة أكون مع فتح، وأخرى مع جورج حبش، وطورا مع نايف حواتمة، وأغير المواقف حسب المزاج، وحسب تأثير مجلة الهدف علي ومجلات أخرى.

ولم يكن يستقبلني أحد في المطار، وكانت عندي كوفية فلسطينية حقيقية حصلت عليها من السفارة في المعرض الدولي، وليست مطبوعة كالكوفيات الرائجة اليوم.

وبدل أن يقدر العالم تضحياتي، ونصرتي للقضية، والعذاب الذي أعانيه بإنصاتي للأغاني الملتزمة، كنت أقابل بالجحود، وبتقريع الوالدة، التي كانت تنفر من تلك الأصوات، وتتأسف على المال الذي تمنحه لي وأضيعه في شراء كاسيتات “تي دي كا” الشفافة الفارغة، والتي كنت أسجل فيها الأغاني”الممنوعة” والشعراء الغاضبين، ولم يكن يكفيني محمود درويش، وأضيف إليه أحمد دحبور، وسميح القاسم، ولا أنكر أني كنت معجبا، وأنا مجاهد صغير، بصوت وإلقاء الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، الذي كان لكاسيته مكانة خاصة عندي، ولم أكن أظهره لأحد، لئلا يطلب مني أن يستمع إليه في بيته، فأفقده، أو تبتلعه مسجلته.

وكنت أتحايل على كل أفراد أسرتي الكبار، وأنتزع منهم المال، ولا أشتري به الحلوى ولا السندويتشات، بل المجلات الفلسطينية والكاسيتات، وكل ذلك من أجل أن أكون مجاهدا حقيقيا، أعرق مع القضية وأمنح ثروتي وأتبرع بها، حتى تحرير فلسطين، كل فلسطين.

ولم تكن لي سفينة ولا أسطول ولا أي وسيلة نقل، وكنت أجاهد مشيا على الأقدام، ومرة ذهبت إلى أسبوع فلسطين في المعاريف بالدار البيضاء في الحافلة، ولما حاولت العودة إلى البيت لم أجد أي وسيلة نقل، وضعت لوحدي في الليل، بلا فندق ولا طعام ولا مساندة ولا تغطية إعلامية، ولم أجد أحدا يستقبلني في عين السبع، وكاد يقبض علي اليهود، إلا أني جريت، وهم يلاحقونني، وحفرت نفقا في بلفدير، وخرجت في روش نوار، وتسلقت سورا، حتى نزلت في عين السبع، ولم أخبر أحدا، ولم يستقبلني صائمون، ولم يذكرني التاريخ.

وفي مرحلة الثانوي، ذهبت أنا ورفاق مجاهدين إلى مكتبة الكرامة، وعدنا محملين بعلب كتب تخدم القضية الفلسطينية، لنعرضها في أسبوع ثقافي، وركبنا سفينة كبيرة مخرنا بها عباب الإسفلت، لكن أستاذا قصير القامة وعميلا للمخزن والإمبريالية والصهيونية في ثانوية البارودي، قام بكشفنا للمدير وأخبره أننا نهيء لانقلاب شيوعي، فمنع معرض الكتب، ولم نعثر على باخرة ولا طائرة لنرد الكتب إلى أصحابها في مكتبة الكرامة، فاقتسمنا الكتب في ما بيننا، في انتظار توفر الظرف المناسب لتحرير فلسطين، وفي انتظار اللحظة المناسبة لتنفيذ عملية فدائية ضد ذلك الأستاذ قصير القامة.

وأتذكر أني شاركت في ثورة مجهضة على ياسر عرفات في مخيم عين خرزوزة بأزرو، وورفعنا فيها شعارات نتهم فيها حركة فتح بالخيانة، ولولا تبعية المؤطرين في الغابة لأبي عمار، لكنا حررنا فلسطين، ولما وصل الوضع إلى ما وصل إليه، ولما اضطر المقرىء أن يصبح مجاهدا.

وفي السنة الماضية سمعت إخوان المقرىء يقولون إن حماس انتصرت في غزة وفرضت شروطها على المحتل، وصدقتهم، وكان الجميع سعيدا ويغني ويرقص، حتى ظهر الأسطول، فاختلطت علي القضية ولم أعد أفهم ما هي المقاومة وما هو الجهاد، وكيف ننتصر ونفك الحصار، ثم نعود لنفكه من جديد، بالكاميرات والجزيرة والصور.

لا أرغب في المزايدة على المقرىء، لكن تضحياتي تفوق تضحياته، وما قدمته وما منحته لفلسطين، يفوق بكثير ما منحه.

ولو كانت عندي سفينة في ذلك الوقت، لا تتخيلون ما كنت سأفعله بها.

ولم أحاول يوما أن أمدح نفسي

ولم أبحث عن اعتراف ولا استقبال

ولم أحدث ضجة

كنت صادقا وساذجا وكدت أكرر وأطرد من المدرسة بسبب حفظي لدروس القضية وإهمالي للتحصيل.

وكنت أعتقد أن حصة اللغة العربية هي حصة فلسطين، وإذا لم يتحدث معنا الأستاذ عن القضية، كنت أقلل من شأنه، وأشك في انتمائه القومي وفي كفاءته، ثم وهو يعلمنا القواعد والنحو والإعراب، كنت أنا أكتب شعرا عن فلسطين، وكم شوهت اليهود وقتلتهم في الورق، دون أن يعلم أحد، ودون أن يصورني أحد، لأن الجزيرة لم تكن موجودة في ذلك الزمن.

فمن المجاهد

من

هل أنا

أم المقرىء

من ضحى أكثر

ومن عانى

ومن خاطر بحياته ومستقبله

ومن يستحق اللقب

ولم أكن لأعود إلى هذا الموضوع لولا استقبال المجاهد

واستشهاده الافتراضي

وبكاء الأقارب

وطبول الحزب
حتى الأفلام الهندية
لم تعد تكتب مثل هذه السيناريوهات
حتى ياسر عرفات لم يكن أحد يقول له المجاهد
حتى قادة حماس لا يحملون هذا اللقب
حتى ليلى خالد
تتحدث بتواضع
ولم تمن يوما على فلسطين
ولم تلتقط صورا للذكرى
أيها المجاهد
يا بطلنا
يا أملنا الوحيد
في تحرير فلسطين
كل فلسطين
مجرد رحلة بحرية مع الرفقة الجميلة جعلت منك مجاهدا
وإذا كانت الأمور بهذه البساطة
فأنا
شهيد

شهيد

شهيد.

رحم الله أبا عمار

مات

وهو لا يعلم

أن القضية

ستصبح لعبة

مسلية

وصورا

في الفيسبوك

واستقبالا

في المطار.

موضوعات أخرى

16/04/2024 09:30

الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية

16/04/2024 09:15

جلسة مجلس الأمن المغلقة حول الصحرا.. شكون هوما الدول الـ15 اللي غاديين يشاركو فالجلسة؟

16/04/2024 09:00

أسود الفوتسال لـ”گود” بعد اكتساحهم زامبيا: يالاه تأهلنا للدومي فينال ومازال ما درنا والو باغيين نخليو الكأس فالمغرب ونتأهلو للمونديال

16/04/2024 08:30

الجلسة المغلقة ديال مجلس الأمن حول الصحرا غتنعقد اليوم.. وها مضامين الإحاطات بجوج ديال دي ميستورا وإيفانكو

16/04/2024 08:00

فضيحة بيئية بطنجة..غابات عروس الشمال الجميلة تحولت لخربة ومخلفات البني والزبل وحرائق وجرائم الترخيص لمشاريع عقارية وسياحية على ظهر التنوع البيئي

16/04/2024 07:00

اعتبروها تمييز وتحيز جنسي: الرياضيون د مريكان ساخطين على Nike بسبب التونيات الأولمبية اللي خرجات للعيالات

16/04/2024 05:00

حط ليهم فلوس ورسالة قدام باب دارهم وهرب.. قصة غريبة وقعات لعائلة عراقية ها تفاصيلها